Friday, September 5, 2014

في رحاب الأقصى

أول جمعة في أمريكا، والحماسة تغمرني لحضور أول صلاة جمعة ودخول أول جامع كبير في أمريكا، بل سيكون أول جامع سأدخله على الإطلاق! لكم حلمت بهذا اليوم، ولكم استعددت له نفسيًا ومعنويًا، أريد أن أراقب عن كثب أحوال المسلمين في الغرب، أريد أن أخالط المجتمع المسلم وألقاه، أريد أن أتعرف وأنظر إلى الدعاة وأحادثهم، هذا لب تخصصي، فالدعوة أو الإمامة بالإنجليزية هو أمر جلل، وحلم جميل، يحلم به كل طلاب قسمنا في الكلية، ليس بالضرورة أن يكون حلمي أيضًا، لكن لا شك من أني أحب هذا الأمر.

صحينا كعادتنا على الساعة 3 ونص الفجر، صحيت محمود ومحمد، ورحنا قعدنا في آخر الطرقة جنب الإزاز نراقب فلادلفيا باليل ونحكي لغاية ما نسمع صوت فتح باب أوضة صالح آبي وزينب أبلة، ويطل علينا صالح آبي ويقولنا، هيا يا شباب!
ندخل بدون إحم ولا دستور، نترقب السحور، ما لذ وطاب من عمايل إيد زينب أبلة وكثير من العصاير التي يختلف كنهها عن عصائر بلادنا، "هذا لا يشمل عصائر العصارات ففيها أمل"، نأكل ونتسامر وننتهي ثم صلاة الفجر، ثم الرجوع للنوم، ففي الصباح أمامنا يوم وأي يوم.

صحينا الصبح بدري، كان عندنا محاضرة صباحية الساعة 9، وقررت أروح المحاضرة بالجلابية، والجلبية اللي أحيانا بتكون مستغربة أو مقبولة "أحيانا" في بعض الأماكن في مصر، عادي جدًا تلبس أي حاجة هناك ومتلاقيش حد بينظرلك نظرة استغراب، دا طبعا لا ينفي إن "أي حاجة" تتضمن حاجات كتير مش مقبولة برده! رحنا المحاضرة، وكانت أول مرة نشوف بروفيسور لين سودلير، دا الأب الروحي لبرنامجنا، وأستاذ في المسيحية الكاثولوكية وما يسمى حوار الأديان، ومؤسس ورئيس معهد الحوار في جامعة تيمبل - المعهد اللي احنا بندرس فيه - ودرّس في أماكن كتير وجامعات حول العالم من سنة 1966، وهو قامة عملاقة في الكنيسة الكاثولوكية وعلى علاقة مباشرة ببابا روما. الراجل فوق الـ80 سنة لكنه مش مكسح وعايش عادي وبيمشي وبيتحرك وبيسافر، أعتذرلنا في البداية لأنه مفروض يشوفنا من قبل كدا بس لظروف مرض أخته فضل جنبيها ولسه جاي النهاردة، وطبعا مش هنذكر قد ايه الراجل متواضع وبيتعامل معانا عادي ولا كأن السيرة الذاتية ولا لينك الويكيبيديا اللي محطوط على اسمه فوق موجود، ولا كأنه شخص عالمي. لا عادي بيتكلم ويهزر ويسمعنا بإنصات ويضحك معانا، وبيعاملنا على إننا أفكار لينا فكر وفكرنا ليه قيمة، ودي حاجة إحنا متعودين عليها، خاصة الطلاب المصريين.

شرحلنا الدكتور مبادئ عشرة هو كتبها بناءًا على تجربته الحياتية والأكاديمية في الحوار، شرحهملنا شرح خاطف، وعلمنا وقعد يقول واحنا نردد وراه، قاعدة قد تكون بديهية، لكنها من عباراته اللي هو معتزّ بيها جدًا: ليس هناك أحد يعرف كل شيء عن أي شيء، ماشي يا سيدي عرفنا! 





من الحاجات اللي ضايقتني اليوم دا هو تدخل دكتورة ريبيكا ومقاطعتها ليه عدة مرات، لدرجة إن جت في الآخر وقالتله اختصر عشان الوقت. هيا فعلا واحدة من أكبر راسين في البرنامج، وقائدة متميزة وحازمة، بس أحيانا كانت بتتسلط عشان تقول رأيها أو تنجز أمر ما. الشهادة لله الست من أفضل الناس اللي شفتهم يعملون بما يعلمون، سواء في قواعد الحوار، أو النقاش، أو القيادة، كلامها سيف، وبتاخد وقتها جدًا عشان تطلع الكلمة، وبتتكلم بأسلوب الحكماء، بس دا لا يقلل في رأيي من إنها كانت بترغي كتير وبتهتم بعرض وجهة نظرها اللي هيا شايفاها مهمة واكتسبتها على مر سنين، وأحيانا كانت بتتسلط ودا كان بيزعجني.

وزعوا علينا في آخر المحاضرة 3 كتب، واحد لبروفيسر لين عن حوار الأديان كاتبه هو مع واحد مسلم وآخر يهودي، وكتابين تاني عن السلام على ما أذكر، واحد فيهم كان اسمه "شن السلام" على غرار ما نقول "شن حرب". بعد المحاضرة دي كان عندنا محاضرة تعريفية وتمهيدية عن زيارة دور العبادة، ألقتها د.جوليت و د.جولي، فيها ما يلبس وما لا يلبس احتراما لدور العبادة، زي الحجاب للبنات في المساجد، وللرجال والمتزوجات في المعابد اليهودية بشيء على رؤوسهم، وبلاش شورتات وياريت نخليه شبه رسمي احتراما للناس، وكان الكلام والتوجيه إن أي مؤمن بملة عاوز يصلي يصلي، واللي مش مؤمن وعاوز يصلي هو حر، واللي مش مؤمن بالملة من حقه طبعا ميصليش، بس لازم يحضر العبادة لا ليتعبد إنما ليراقب ويتعلم. ودا مربط الفرس طبعًا، ولأن الأعمال بالنيات، فطبعا كمسلمين لن ننوي صلاة غير صلاتنا، وبالتالي لن نأتي أي فعل يترتب على صلاة ليست صلاتنا، يعني بنراقب ونشاهد لنتعلم، ولا يجوز بأي حال من الأحوال إتيان الشعائر. عندك طبعًا مثلا الملحد واللاديني واللاأدري كانوا ممكن يصلوا في أي مكان لو هما حابين، كدا كدا مش مؤمنين بأي ملة.

كان فيه راحة لمدة ساعة قبل الانطلاق إلى المسجد، رجعنا المبنى، ومحمود لبس جلابيته هو كمان وظبطنا الأداء وتطيبنا بعود، وكان شكلنا جامد واحنا الاتنين مطقمين سوا بالجلاليب، وجه الباص وانطلقنا لمركز الأقصى الإسلامي، واحد من أكبر المراكز الإسلامية بفلادلفيا. نزلنا قدام المسجد وكان لسه فاضل وقت على الصلاة، قعدنا نصور ونتصور وفرحانين بالمسجد ووجهته الجميلة. أٌذِنَ لصلاة الجمعة، دخلنا المسجد، والبنات والسيدات دخلوا مصلاهم، تفرقنا بين الصفوف.






 اتخذت موقع متميز في الصف الثالث أو الرابع، وقعدت ماسك السبحة منتظر الأذان الثاني والخطبة، طلع الشيخ المنبر، وبدأ الخطبة بالعربي، انتظرت انجليزي أو ترجمة أو أي حاجة، مفيش! الموضوع ساءني بصراحة لأن كدا محدش هيفهم غير المصريين واللبنانيين والعراقيين ومعظم الأكراد. وكدا كل الدكاترة والأتراك مش فاهمين أي حاجة. الخطبة كانت اعتيادية والشيخ لهجته مصرية، كانت الخطبة عن الصدقة وفضلها على ما أذكر. خلصنا ورحت أسلم على الإمام واتعرف عليه، الراجل بصراحة كان بيسلم وبيحتوي الناس ويضحك في وشهم ويتحدث معاهم، سلمت عليه راح واخدني بالحضن، وخد باله إني حد جديد، سألني أنت منين، قلت من مصر وأدرس في جامعة الأزهر ودي أول جمعة ليا في أمريكا، قالي أهلا وسهلا أخوك محمد شحاتة من طنطا، وابقى تعالى صلي معانا التراويح ونتعرف عليك. بعد قليل خرج واحد يبدوا من محاسبي المسجد، وقال للشيخ شيئًا، فالشيخ مسك الميكرفون، وقال يا جماعة الخير عندما مشروع المقابر الشرعية، ونجمع التبرعات لعملها مجانًا لفقراء المسلمين، وتكلفة القبر 500 دولار - وهو مبلغ لو تعلمون كبير نسبيًا - وما شاء الله ما لبث الشيخ، والناس تشاور له من بعيد بعدد واحد أو اتنين أو تلاتة، وبطريقة لا يراهم فيها الناس، وخلاص اللي بيشاور بيروح يدفع بعدين ومش عاوز الناس تعرف صدقته! وفي وقت قصير كان الشيخ عد أكتر من 20 قبر أو أكتر. بعد الصلاة جايكوب سلم عليا وسألني، حسيت بإيه؟ قولتله: حسيت إني في البيت أو كأني في وطني بترجمة تانية، هي كلمة قلتها ولم ألق لها بالًا، أنا قصدتها فعلًا، بس مكنتش متخيل إن جايكوب يفضل فاكرها ويفكرني بيها بعد كام إسبوع لما كان بيقولي إنه لما بيروح معبد يهودي مبيحس بنفس الإحساس اللي أنا نقلتهوله، والحوار دا هذكره في سياقه.

خرجنا واتجمعنا قدام المسجد، وكان عندنا محاضرة في قاعة في المركز الإسلامي ورا المسجد، كانت المحاضرة شرح عن المركز الإسلامي ونشأته وأنشطته، كان فيه راجل ممتاز جدًا وشخص في قمة التعقل ومتحدث لبق، اسمه أ. مروان ومن لبنان، بدأ يتكلم، قال المركز دا أنشأه في الأصل مسلمين من أصل فلسطيني، والصرح اللي إحنا فيه ليس مسجدًا فقط بل هو 3 مؤسسات في مكان واحد، مؤسسة المسجد وجمعية تنموية للمجتمع ومدرسة، المسجد وعارفين طبعًا وظيفته فيه تقام الصلوات وفيه بعض الأنشطة زي الإفطار اليومي في رمضان في بدروم المسجد وتحفيظ القرآن وخلافه، الجمعية التنموية هي لمساعدة المحتاجين وإيجاد عمل لمن يبحث عن عمل وجمعية تكافلية، وقال يأتينا مسلمين وغير مسلمين ونساعد الجميع قدر الاستطاعة، أما المدرسة فهي مدرسة بها مراحل التعليم الأساية حتى الثانوية، على نظام إسلامي، وفيها عدد كبير من أولاد المسلمين هنا.

يجدر هنا القول بأن أي حد يقدر يبنى مدرسة في أمريكا ويحط ليها منهج بما يتوافق مع مفردات مناهج الولاية اللي هو فيها، ممكن يزود مثلا مواد دينية معينة أو علمية معينة، براحته، طالما المواد والكتب بتراجع وبتجاز، واللي عنده مناهج أحسن وطرق تدريس ومدرسين أحسن مدارسه بتفلح، زي ما ذكرنا سابقًا عن مدارس الكويكر، ويذكر برده إن المدارس الحكومية في أمريكا تعتبر أفضل من الخاصة، والمدارس الأهلية منتشرة جدًا، ويختلف مستواها بمستوى القائمين عليها ومناهجها وطرق التدريس والمدرسين.

طلعلنا بعد شوية مدير المدرسة، وبدأ مع أ. مروان يذكروا لينا بعض أحوال الجالية المسلمين في هذا المسجد خصوصًا، وسألناهم بعض أسئلة وكان منها على ما أذكر ايه اللي حدث أيام 11 سبتمبر وايه مواقفكم في التعامل مع المجتمعات الدينية الأخرى، ردوا بأن في أحداث 11 سبتمر كان فيه اهتمام من الحكومة لدرجة إن الإف بي آي ووكالة الاستخبارات الأمريكية كلموهم يتطمنوا عليهم وإذا كانوا محتاجين أي حاجة ولو كانوا محتاجين أي حماية أو دعم، طبعا كان فيه مضايقات لكن قالوا إنها كانت قليلة، وقالولنا إن كتير من القساوسة والحاخامات اتصلوا بيهم واطمنوا عليهم بل وأكتر من كدا، راحوا قعدوا قدام المسجد عشان محدش يقربله، وكان موقف نبيل منهم طبعًا. بالنسبة للتعامل مع المجتمعات الدينية الأخرى قالولنا إنهم بيتعاونوا مع مجتمعات مسيحية ويهودية كتير وبيكون فيه ألفة بين كثير من اللي بيتعاونوا معاهم، بيقيموا إفطارات جماعية وأنشطة مشتركة وخلافه. وذكروا إن بعيدًا عن الاختلافات السياسية والأيدلوجية بيكون فيه تخير لمن يتوسم فيهم الخير وليس لأحد يعادي الإسلام والمسلمين. كان فيه موضوع اتفتح عن اليهود، وكان الراجل مدير المدرسة في طريقته حدة شوية، هو لم يهاجم اليهود، بل امتدحهم من وجهة نظره ودا ساء الدكاترة اليهود اللي قاعدين من ناحية أخرى، هو كان بيتكلم عن إن اليهود ليهم سيطرة في أمريكا، وبيقول دا حقهم لأنهم جاءوا من حول العالم وتعبوا واشتغلوا في البلد دي واستحقوا إن يكون ليهم نصيب كبير فيها. ومن هذه النقطة د.جوليت قالتله لأ حضرتك أنا مختلفة معاك، اليهود ملهمش تحكم في أمريكا ولا أي حاجة ولا هما مسيطرين، قالها سيادتك دا كلامي وأنا مش هتراجع عنه، اليهود مسيطرين على حاجات كتير في القوانين وعلى وظائف كتير، وضرب لها مثال بإن واحد صديقه محامي كان باين بيكتب وصية لحد، والحد دا سأله لو أنا مت دلوقتي قبل ما أخلص إجراءات الوصية، كيف ستوزع تركتي، راح الراجل شاورله على التوراة وقاله بناءًا على دا. راحت هيا ردت عليه وقالتله دا لا يعني أي شيء في حد ذاته دا مجرد مثال لا يعبر بالضرورة عن هيمنة اليهود، لكن أقولك مثال عادي برده ما أنا الطبيب اللي عالج إيدي المكسورة دي وبيعالجها حتى الآن مسلم.

دخلوا في سجال كدا مكانش ودي، وهو أصرّ على كلامه وهيا أصرت تبين خاصة أمامنا نحن الطلاب، وقالتله لو سمحت لازم نكون نعرف وجهة النظر التانية لأن اللي حضرتك طرحته مش صح على الحقيقة. تدخل أ.مروان بحكمة وعجبني كلامه، فهو لا يؤمن بنظرية المؤامرة وأن اليهود في كل كبيرة وصغيرة، لكنه قال كلام أنا آمنت واقنعت بيه جدًا، قال لا شك في إن اللوبي الصهيوني من أقوى ما يؤثر على أمريكا مع اتنين آخرين "لوبي السلاح"، و"لوبي الكبار".

وحابب أسوق لكم وجهة نظري كنت أعرف بعضها وبعضها تعلمته وأنا هناك، بالنسبة للسلاح فدا شيء خطير جدًا في أمريكا، وهو حق يكفله الدستور من المادة الأولى! أي حد في أمريكا حقه يحمل سلاح، وبسبب دا فيه جرائم كتير منتشرة وبيذاع صيتها كل فترة، دايما علطول، وبيحصل كتير جدًا يكون ولد متعقد من حاجة ياخد السلاح ويدخل مدرسة يقتل فيها وينتحر، وآخر حاجة سمعت عنها كان من حوالي 3 شهور ولد دخل مدرسة في جورج تاون عشان بيكره أمه وأمه كانت شغالة في المدرسة دي فقتل فيها عدد من الأطفال وانتحر. لوبي السلاح في أمريكا من مصلحته يخلي الحق القانوني دا شغال ولا يتوقف لأنه بيبيع سلاح بالهبل للمدنين! ومع إن فيه خلاف كبير على تفسير المادة الأولى من الدستور والمقصد منها، لأنها كانت مقصودة لحمل السلاح للمدنين لمحاربة الاحتلال الانجليزي، لكن لأن لوبي السلاح معاه فلوس ومهيمن على البلد بشكل كبير، وبيصرف على كتير من المرشحين في الحملات الانتخابية، لأن الحملة الانتخابية في أمريكا تكلف ملايين الدولارات، وبدون حملة مستحيل تنجح، فمعظم المرشحين خاصة في ولايات معينة زي تكساس وكتير من الجنوب ميقدروش يتخطوا ويطالبوا بإلغاء وتقنين السلاح وإلا هيطلعوا أوت!

لوبي الكبار دا ممكن نوضحه ونبسطه بما يقال عنه في لغتنا "الحيتان"، اللي هما في الغالب بيكونوا كبار في السن، وماسكين رؤوس أموال البلد كلها، ودا ناتج طبعا عن الرأس مالية، ومعروف جدًا بطبيعة الحال إن الشركات واقتصادها أصبح يضاهي وأحيانا يتحكم بمصائر الدول، فشركة زي جينيرال موتورز اقتصادها أكبر من اقتصاد دولة زي مصر!
وفي أمريكا لك أن تتخيل وهي فيها أيقونات الشركات العالمية، والشركات المالكة لمجموعة شركات عملاقة وخلافه، لكم أن تتخيلوا مقدار تحكم هؤولاء في الاقتصاد ومن ثم السياسة.

واللوبي الصهيوني نفس الكلام، فله تحكم رهيب في عالم الاقتصاد ومن ثمّ عالم السياسة، ومهم جدًا وأنتم تعرفون الترفقة بين اليهودية والصهيونية، وأن مش كل يهودي صهيوني، ومش بالضرورة الصهيوني يكون يهودي، بل لو تمعنا هنلاقي إن أصل فكرة الصهيونية فكرة يهودية، ودا ليس عليه خلاف، لكن الحقيقة أن المؤمنين بالصهيونية والمحابين لها واللي بيروجوا لها ممكن يكون أغلبيهم ليسوا من اليهود لكن اليهود الصهيانة عرفوا يزرعوا الفكرة ويبشروا بيها غيرهم ويتمسكنوا لغاية ما يتمكنوا وإنهم بيطالبوا بحريتهم وبإعطاءهم حقوقهم كمجموعة من البشر. وبرده للأسف لازم أذكر إن عندنا "عرب" وللأسف كمان "مسلمين" صهاينة! وما السيسي وشعبه عنها ببعيد.

ومن هنا نقدر نستخلص سويًا إن ديموقراطية أمريكا يشوبها الكثير من الشوائب، وحتى الانتخاب بيكون متحكم فيه بطريقة كبيرة في الشخص اللي بينزل الانتخابات أصلا وتمويله هو وحملته، وأنه لا يستطيع بحال أن يخالف من له عليه فضل ويد، ولو فكر أو خالف، بيبوسوه ويركنوه جنب الحيط.






وبين حدة مدير المدرسة - اللي مش فاكر اسمه - ودفاع د.جوليت المستميت ومضايقتها من طريقته، كان أ.مروان أكثر تعقلًا وتوضيحًا للموقف من وجهة نظره بطريقة راقية وليس فيها إهانة لأحد وليس فيها انتقاصًا من الحقيقة، لذلك قررت أن آخذ كلامه بعين الاعتبار.

خلصنا وتوكلنا على الله راجعين للجامعة عشان محاضرة تعريفية بالإسلام لـ3 ساعات مقسمين بين صالح آبي وزينب أبلة، وتجمع كل الدكاترة على خلاف العادة، وكانت المحاضرة الوحيدة اللي حضرها الكل بلا استثناء! كل الدكاترة، وحتى بروفيسر لين اللي عمره ما حضر معانا ولا محاضرة غير محاضرة الإسلام، وجه كمان دكتور ورئيس قسم منعرفهوش خصيصًا، وكأنهم جميعا تجمعوا ليراقبوا ويترصدوا ما سيقوله صالح آبي وزينب أبلة.

الحقيقة وبدون تحيز، وبعيدًا عن مشاعري تجاه صالح آبي وزينب أبلة، فقد أبليا بلاء حسنًا وربنا كتب لهما التوفيق، كيف لا وهما درسا الإسلام بعمق ويدرسانه من سنين بل ويعيشان مع الطلاب المسلمين وغير المسلمين يتحدثون ويذبون ويدفعون الشبهات ويتعاملون مع الجميع ويعرفون كيف يتعاملون وكيف يردون، بدأ د.صالح بتعريفات عن الإسلام وأخذ يتكلم عن مصادر التشريع بإيجاز، ودخل في بعض النقاط التي ترد كثيرًا من الشبهات، وتفسير القرآن ومعانيه، وأخذ يسرد بأن التفسير والفهم الخاطئ يترتب عليه عمل خاطئ، ثم ذكر أن تفسير القرآن والسنة ينبغي بمنهجية معينة وأن الاختلاف لا مشكلة فيه، بل المشكلة في المنهج الخاطئ أو التفاسير الاعتباطية التي تؤدي إلى نتيجة خاطئة، وشدد على أن هذا يحدث في جميع الكتب المقدسة، وأن هذا الحال في كل الملل والنحل، ثم أفرغ إلى ضرورة الاعتماد على المصادر الصحيحة الموثوقة. لم تخل المحاضرة طبعًا من شبهات ألقاها الملحدين واللادينين، خاصة "إبراهيم" - أزهري لا ديني في طب أسنان - وكانت ردودهم بسيطة وواضحة ومقتضبة لا تدخل في تفاصيل ولا متاهات لكن تشرح الأمر ببساطة ثم ينتقلون إلى موضوع بعده، ببساطة يستغلون وقتهم بدون الالتفات إلى ما يريد أن يضيع الوقت الذي ليس لديهم غيره رسميًا ليقدموا للإسلام. ثم بعد د.صالح، شرعت د.زينب في أركان الإسلام وتوضيحها وفرقت الاختلاف بين السنة والشيعة فيها واستعانت بزملائنا الشيعة، ثم بدأت تشرحها شرحًا جميلًا، وذكرت فيما ذكرت أسماء الله الحسنى وصفاته وما يعنى "الله" عزوجل، للمسلمين، وأن الاتصاف بصفات الله وأسماءه هو غاية المسلم وما يقربه من ربه، وذكرت أمورًا منها الفطْرة وغيرها مما يعرفه القارئ من الدين بالضرورة.

خلصنا المحاضرة الطويلة، والحقيقة أنا كنت في غاية الانشكاح من التقديم الرائع واستغلال الوقت استغلال أمثل في التعريف بالإسلام خاصة من زينب آبلة، الست دي أنا كنت أتعلم منها على طول الطريق وطبعا صالح آبي بردك. أعطونا أول "استبيان" إسبوعي، ومعنى كدا إننا خلاص خلصنا أول اسبوع لينا في أمريكا، كأول اسبوع الواحد بيقول لنفسه وللناس عادي فات اسبوع بس لسه فاضل شهر كامل مستقل بنفسه، شهر يعني قطعة من الزمان، كائن بذاته، يعني مش مقتطع منه حاجة، ولا كأن الاسبوع ليه أي أهمية. الاستبيان الاسبوعي بيكون فيه تقييمك لكل محاضرة أو خروجة أو زيارة في الاسبوع، وكل أكلك وسكنك ومعيشتك والتعامل معك باحترام وتقدير لك ولأفكارك والاهتمام والإصغاء لك وإجابة أسئلتك بشكل مناسب وملائم.

المثير للسخرية، إن كان فيه إجماع على سلبية، هي مش من البرنامج، هي من المبنى اللي عايشين فيه، ومبنى زي دا بكل الرفاهيات والإمكانيات والتكنولوجيا دي معمول عشان ايه؟ عشان الطلاب يسكنوا ويناموا فيه، أهو السلبية الوحيدة في المبنى دا هو مراتب السراير! مش مريحة خالص، هيا طبعا لا تقارن بمراتب سراير مدن مصر الجامعية، إنما المرتبة فعلا مش مريحة، والواحد منا كان بيصحى في نص الليل كأنه غرقان في المرتبة، يعني ربنا كرمهم وعملوا مبنى فخم ضخم بكل الإمكانايات دي وجت على المراتب وعطلت! سبحان الله!

ما علينا! المهم خلصنا وكان عندنا بقيت اليوم فاضي. بعد انتهاء صلاة الجمعة كانوا أعلنوا في المسجد إن فيه مظاهرة داعمة لأخواننا في غزة وفلسطين أمام القنصلية الإسرائيلية في فلادلفيا الساعة خمسة، ونويت في سري إني أروح من كحك لكحك من غير ما حد ياخد باله، مش عاوز أصطدم بالدكاترة، ولا عاوز حد يقولي مينفعش والكلام دا.

لاقيت جايكوب جاي بيقولي، باقولك ايه، فيه مظاهرة داعمة لغزة، أنا رايح جاي معايا؟ قولتله وش يا كبير، قالي طيب شوف لو حد تاني جاي معانا وناخد تاكس، رحنا جايكوب وإبراهيم ومحمد والعبد لله، ودفعنا 20 دورلا، أنا كنت هاعيط وأنا بادفعهم وحتى لما قسمناهم سوا. 20*7= 140 جنيه، أنا ممكن اموت مشلول لو فضلت أحسب كل مليم باصرفه، وبرده 20 دولار أصلا مش مبلغ قليل، لازم الواحد يعتمد على المترو اللي هوا اتنين دولار ونص بس أهو أوفر!

نزلنا، ولقينا الناس واقفة قدام المبنى وعلى الأربع نواصى، وماسكين ميكرفونات وبيهتفوا، وفيه مكان فيه يفط اللي عاوز ياخد يافطة، ولما إشارات المرور بتقفل بيعدوا الشارع باليفط وأعلام فلسطين، وحاجة جميلة وراقية، والبوليس واقف جنبا إلى جنب بس بيحد الشارع عشان المارة والعربيات ياخدوا حارتهم، والمتظاهرين ياخدوا حريتهم على الرصيف.






أنا طبعا مش مستحمل ولا طايق نفسي وأنا واقف كدا عادي جنب البوليس، مش متعودين على كدا إحنا يا أخوننا، أحنا عندنا في مصر والدول المتقدمة بنلعب مع بعض عسكر وثوار، وما استثارني أكتر، هو وجود عدد من الداعمين لإسرائيل ماسكين علم إسرائيل وواقفين زي الخازوق في وسط المظاهرة! وعادي، محدش بيكلمهم، أكتر حاجة بتحصل بس مشادات كلامية، والبوليس بيفرق، ومحدش من حقه يتعدى على حق حد في التعبير عن رأيه، الحقيقة إننا كنا أكتر بكتير، وبتوع إسرائيل تلمين كدا وباردين وكانوا بيزهقوا بسرعة وبيمشوا، دا لو كان عندنا في مصر، وفيه تظاهرتين ضد بعض، كانوا فرموا بعض في قلب الشارع.

الشباب الله يحيهم كانوا بيهتفوا، وبيصوروا، وبيلفوا بعربياتهم بأعلام فلسطين وغزة، والتفاعلة جميلة والجو لطيف، لكن دا بصراحة مش جو تظاهر بالنسبالي، دا جو فسح كدا وفرفشة، آه هيا داعمة لأخواننا وكل حاجة، بس برده ربنا ما يقطعلنا عادة في مصر وربنا يجحم وزارة الداخلية اللي مقتلانا ومشردنا ومعذبنا ونازلة فينا اعتقالات. ولا ننسى جيش مصر العزيم، خير أجناد العدو.



طبعًا طفقنا كلنا نقارن بيننا وبين أنفسنا، وبيننا وبين بعضنا كمصريين، عن حالنا وحالهم! يا ترى هيوصل بينا يوم إننا نتظاهر بتحضر وسلمية ومحدش يقتلنا، ويا ترى هنوصل في يوم نتظاهر ضد بعض وجنب بعض، بغض النظر عن إنها تكون مظاهرة داعمة لإسرائيل! حالنا فعلًا مزري ويصعب علينا.

خلصنا المظاهرة وانطلق كل منا لحال سبيله، فالأغلبية العظمى أصلا محضرتش المظاهرة ولا سمعت عنها، لأن الأمر كان في الخفاء والدراء، وجايكوب قالنا مش عاوز أطلع في صور ولا في فيديوهات لأسباب شخصية بس للأسف ظهر في الفيديو دا اللي صورته للحظات وممعيش غيره فلازم أرفعه. الكل بيتسوق وكدا، وإحنا كمان ذهبنا نتسوق. الشباب دخلوا آبل ستور يشتروا بعض الأشياء، أنا دخلت برده بس عشان اتفرج بس! وكان اللي خطر على بالي ساعتها، إن دعاء الدخول لآبل ستور هو: حسبي الله ونعم الوكيل!
مكان مستفز من كتر ما هو خيالي وتكنولوجي، الموظفين بياخدوا منك الحساب بالآيفون، كل حاجة متوصلة بالآيفونات، الآيبادات والماكات موجودة ممكن تقعد عليها وتجربها، المكان محاط بهالة من الآبل تكسر قلوب الفقراء والمعوزين والحالمين!

بعد كدا روحنا بعض محلات الملابس وغيرها، أنا كنت باتفرج بس لأني كنت مقرر أقعد أول فترة اتفرج وأقارن بس وبعدين أقرر هشتري ايه ومشتريش ايه، سبتهم وانقلعت أنا لحال سبيلي وقررت أروح المدينة مشي من وسط البلد، مشوار ساعة إلا ربع أو أكتر شوية، ولاقيت بعض المعالم والأماكن اللي شكلها كان حلو والسحاب يومها كان منظر السماء متميز، وقعدت أهيم على وجهي في الشوارع أصور ما يعجبني. 



كان صالح آبي بعتلي رسالة على الموبايل إن أجي الفطار عندهم، ويادوب روحت على معاد الفطار بالظبط، لقيت بعض الشباب مع صالح آبي وزينب أبلة، وبروفيسر لين قاعد، عازمينه على الفطار، وقالولنا إنه كان صايم تضامنًا معانا النهاردة، بس كان بيشرب ميا ومن هنا هما قرروا يعزموه على الفطار، الراجل الحقيقة يحمل شيئًا ضد الإسلام والمسلمين وإن كان لا يبين ذلك، إلا أنه موسوعة متنقلة بيتكلم عدة لغات ويتقن الألمانية، وله كتب منشورة بكم مهول، وطاف بلاد الدنيا تقريبًا، وخبرته في التدريس في الأفق، وكل ما نكلمه في حاجة يروي لنا من حياته ما يبهرنا، بكل صدق الرجل عنده كثير من العلم. فطرنا وتسامرنا وضحكنا، وأحسن صالح آبي وزينب أبلة ضايفته وضيافتنا وقعدنا يعني وقت كبير نتكلم في أمور عديدة يصعب على ذاكرتي جمعها كلها، صلينا المغرب والعشاء، والراجل أستأذن هيقوم يروح، أنا ومحمود برده كل دا مذهولين ازاي راجل معدي الـ80 بالنشاط دا وهيسوق عربيته ويروح! إحنا عندنا دول لو فضلوا عايشين في السن دا لو حتى في السرير يبقى راجل بركة!

انتهى يومنا الطويل اللي كان فيه محاضرات كتير وصدامات خفيفة، وصلاة جمعة ومظاهرات وتسوق ولفلفة في الشوارع، وكلنا خلاص كنا جبنا آخرنا، وكل منا تسرب إلى غرفته وأخلد إلى سريره.

وجال في خاطري، يوم يبدأ بمركز يدعى الأقصى ثم مظاهرة لنصرة أخواننا في فلسطين وغزة والأقصى، لعل يومًا نصلى في رحاب الأقصى مسرى النبي صلى الله عليه وسلم.

_____

ألبوم اليوم
فيديو المظاهرة
  • تعليق
  • 0 تعليق

0 comments:

Post a Comment