Sunday, October 5, 2014
12:16 PM

الإعلان العالمي لحقوق الإنسان

بعد ما رجعنا من عند الأسر المضيفة، اتجمعنا كلنا وقعدنا نسلم على بعض، كان عندنا جلسة في اللاونش عن آرائنا وايه اللي حصل في اليومين اللي قضيناهم مع الأسر المضيفة، وهل كانوا يومين مفيدين وايه التجارب المختلفة اللي مرينا بيها كلنا. وهل فعلًا استفدنا واتعلمنا من وجودنا مع أسر أمريكية، لأن الهدف هو إننا ننخرط مع أسر أمريكية مختلفة ونعيش تجربة "حياة الأسرة الأمريكية" على اختلافها طبعًا. من الحاجات اللي حصلت في اليومين إن د.زكية إسلام فتحت معانا موضوع اللي بيحصل في مصر، وإنهم كانوا بيدعموا د.محمد مرسي جدًا لغاية ما الأمر التبس عليهم، وقالت إن في 30 يونيو الشعب خرج ضده فأكيد فيه حاجة غلط، وكان فيه محاولات ومناوشات على اختلافنا أنا ومحمود إننا نوصلها الصورة، لكن هيا كانت بتاخد الحيزّ الأكبر من الكلام، في كذا مرة تاني كانت بتحطني في مواقف محرجة شوية زي إنها تختبر معلوماتي في الدراسات الإسلامية، ومرة سألتني الإسلام بيمثلك ايه، وايه تعريف الإسلام! وفي مرة تانية على السحور جابتلي كتاب صوفي مكتوب بلغة عربية صعبة شوية عشان تشوف مستوايا في العربي، على إن الكتاب صعب، وعلى إنها مبتعرفش عربي كويس، غير إنها بتترجم الكلمات العربي من القواميس علشان تدرسهم بالإنجليزي. مرة كانت سألتنا عن اللي عملناه من ساعة ما وصلنا، وقولتلها أنا ومحمود على البوذية والمعبد البوذي، وإنها النسبالي أنا شخصيًا مش منطقية ومش فاهم منها حاجة، قالتلي لأ البوذية جميلة وعجباني جدًا وأنت بس مش فاهمها عشان كدا مش متصورها كويس، وقالت شوية حاجات عن الصوفية كانت شطحات بصراحة، فقولت في نفسي يمكن شطحات البوذية متوافقة مع شطحاتها في الصوفية عشان كدا معجبة بالبوذية!

دا لا يقلل أبدًا إنها ست مسلمة محترمة ربت أولادها كويس جدًا، وعلى درجة جميلة من التدين والالتزام والعلم الشرعي، وإن أكلها حلو جدًا ودي النقطة الأهم بالنسبة لأننا نعيش معاهم يومين وليلتين! وكمان هي كريمة جدًا، كانت حكتلينا عن واحد مصري اسمه محمود جه نفس المنحة دي وعاش معاهم برده، ولقيته بالصدفة من كام يوم على الفيسبوك، سبحان الله! في تاني يوم كنا عندهم رجعنا أنا ومحمود وزيا الصبح، وهي جابتلي أنا ومحمود قميصين من محل ملابس مشهور أوي في أمريكا "مايسز"، القميصين زي بعض بالظبط بس الاختلاف كان في اللون بس. محمود أخد الأسود وأنا أخدت الأزرق. مايسز ليه أكتر من 850 فرع على مستوى أمريكا. واليوم اللي وصلونا فيه الصبح، أنا ومحمود كنا واخدين معانا من مصر شوية هدايا كانوا في المحاضرة التمهيدية في السفارة وصونا وخيرونا إننا نجيب حاجات عشان الأسر المضيفة لو حابين، أديتها علبة صدف ولزيا سواك وماديلية فرعونية، وسواك للحاج أبو زيا. وقالتلنا لو عزتوا أي حاجة وياريت تيجوا تاني ووصفتلنا الطريق عشان نروح تاني، وقالتلنا لو جيتوا أمريكا ومحتاجين تقعدوا عن حد تعالولنا، طبعًا دا شيء ظريف ولطيف، ومش عزومة في المراكبية وكدا، بس كفاية إنها ذوق.

أول ما عرفت إن عندنا جلسة كلنا نقول فيها باختصار اللي حصل معانا، رحت قلت لمحمود يلا نلبس القميصين اللي زي بعض ونتفشخر ونتمنظر بيهم، الحقيقة القميص كان مظبوط على محمود وكبير شوية عليا، فقررت أني ماخدوش لنفسي وأديه لواحد من أصحابي المقربين هدية لما أرجع مصر، وكدا يبقى وفرت على نفسي تمن هدية، محمود كمان وفر لأنه كان عاوز يجيب لنفسه قميص كمان على اللي جابهم، وكدا وفر ومش هيجيب، وبالنسبة للقميص بتاعي، فصاحبي غالبًا مش بيقرأ المدونة فأكيد مش هياخد باله.


أنا ومحمود كنا من أول البادئين في الكلام، ووقفنا مع بعض وأشرنا إلى القميصين، واتكلمنا إننا كنا عند أسرة مثقفة جدًا، وأسرة ممتازة بالنسبة لينا عشان الوالد طبيب ومحمود طالب طب، والأم دكتورة دراسات إسلامية وأنا طالب في نفس التخصص، كفاية المكتبة بتاعتهم اللي كانت جميلة جدًا وكنت بتحرق وأنا باشوف فيها كتب إسلامية درستها وقرأتها وحاجات نفسي اقرأها وكتب تفتح النفس في البدروم اللي كنا قاعدين فيه، ونفس الكلام بالنسبة لمحمود في الطب، ومحمود كمان سأل الدكتور إسلام عن معادلة شهادة طب من مصر لأمريكا والامتحانات اللي مفروض يعملها والمذاكرة والإجراءات والاستعدادات اللي مفروض يبتديها من دلوقتي وهو طالب. كمان أنا كنت موهوم بالمكتبة ومتغاظ من كتر ما هي حلوة، ودكتورة زكية قالت إنها بتصرف معظم فلوسها ومرتبها على الكتب عشان - على حد قولها - أبو زيا مش مخليها محتاجة حاجة. وحكينالهم على المسجد الصوفي والجامعات والمولات اللي رحناها. أحد القوانين الخاصة بالعبد لله وإحنا عند الأسر المضيفة واتفقت مع محمود نعمله، هو قانون "اقنع الباقيين إنك الأكثر استمتاعًا خاصة وإنهم مش شايفينك"، كنا متغاظين شوية عشان محمد راح المحيط الأطلنطي وقضى اليوم على الشط، اللي في الآخر مكانش يوم جوه حلو زي ما قال، وفي الآخر أصلًا كلنا رحنا نفس الشط اللي هو راحه في يوم تاني، يعني مفتناش حاجة، ونفس الكلام حاجات عملها مارك لأنه اتظبط جامد، وجاد راح تجديف في النهر، ودا كله اتعوضلنا بشكل أو بآخر بعدين.

لكن أقلنا حظًا واللي كان متغاظ من الكل، وكل ما أنا ومحمود نعمل "دخول" من الفيسبوك في مكان، كان بيقول اتهدوا، اتبطوا، كفاية، كان إبراهيم لأنه قعد اليومين كلهم في البيت مع أسرته من غير ما يروح أي حتة ولا يعمل أي حاجة، ولما إبراهيم اتكلم قال فيما معناه "أنا مروحتش أي حاجة، بس كنت الأكثر استمتاعًا لأني قعدت اتناقش مع أسرتي اليهودية في حاجات كتير جدًا وقعدنا اليومين كلهم نتكلم، واستفدت كتير أوي، إنما المرواح والمجي والفسح ممكن يتعوض، أما المناقشات المفيدة دي متعوضتش" رحت أنا ومحمود باصين لبعض، وفطسنا ضحك، علينا إحنا برده؟ وبعدين دا القانون بتعنا إحنا، بس مش للدرجادي، إحنا استمتعنا وخرجنا واتفسحنا، واستمتعنا بالفعل، بس قانونا إننا نبين إننا كنا "الأكثر" استمتاعًا، إنما إبراهيم كان بيحاول يقول إنه استمتع وهو أصلًا معملش حاجة خالص. كله اتكلم عن أسره، وكانت كلها تجارب جميلة لا مجال ولا ذاكرة لتذكرهم وذكرهم كلهم، لكن أبرزهم إن جاد قال: بعد كدا لو سمحتوا روحوا بيوت الأسر المضيفة، البيت مكانش نضيف خالص. ومارك اتظبط جامد وأخدوه مطاعم وأكلوه أكل وحلويات كتير وركب معاهم عربية بسقف مفتوح، والعيال اللي كان معاهم عرفوه على أصحابهم وعمل حاجات جامدة الصراحة، دول أكتر أهم الحاجات اللي فاكرها.

كان عندنا وقت فاضي بعدها، نزلت كنت عاوز أروح مكان محدده بالـGPS، لأني كنت بادور على مساجد قريبة، ومسجد اسمه "مسجد محمد" قريب مننا حوالي 30 دقيقة مشي، حددت مكانه وقولت أمشي ورا الموبايل ولو وصلت في المعاد هالحق صلاة الظهر هناك، في الأول اتلغبطت شوية في الشوارع لمدة خمس دقايق، وبعدين فضلت ماشي في الطريق الصحيح، فاكر اليوم دا كويس، الدنيا كانت حرّ جدًا، وأنا كنت مصمم أفضل مكمل، فضلت ماشي في ضوحي ومناطق عشوائية، وشوفت ملاعب شعبية مفتوحة، ومؤسسات لإعادة التأهيل ومؤسسات زي دور رعاية أيتام ودور مسنين، وفي الآخر وصلت بعد جهد ومشي كتير نسبيًا بالنسبة للحر والصيام، في الآخر لقيت لوحدة مكتوب عليها بالإنجليزي "معبد محمد"!!!

قريت الكلام اللي مكتوب، طلع دا مكتب تبع منظمة "أمة الإسلام"، واللي فيكو يعرفها دي المنظمة التي تدعي الإسلام، كان ينتمى إليها كتير من المسلمين السود في أمريكا، وهي مؤسسة عنصرية بامتياز، وكان فيها مالكوم إكس، أو بعد إسلامه مالك الشباز.
وحتى أوقات صلواتهم وعبادتهم مش متوافقة مع الإسلام، وعاملين دين كدا من دماغهم وينسبونه إلى الإسلام، اتصدمت وأحبطت بعد ما قرأت اللوحة، وقررت أرجع أدراجي عشان كان عندنا محاضرة بس على الأقل يبقى استفدت من التمشية، ومشيت من طريق تاني وأنا مروح.



وفي الطريق وأنا مروح شوفت ناس كتير بلا مأوى وملجأ، ناس مشردين، وناس بيشربوا مخدرات، وناس واقفين قدام كنيسة صغيرة يمكن منتظرين أكل أو شيء من هذا القبيل، ولما خلاص كنت قربت وفاضل حوالي عشر دقايق، لقيت مبنى مكتوب عليها "مكتبة فلادلفيا العامة"، قلت أدخل أشوف ايه النظام جوا، دخلت بالفعل، مكتبة واسعة وفيها كتب كتير وفي كل المجالات تقريبًا، أجهزة كمبيوتر وناس قاعدة، رحت ناحية أمين المكتبة راجل ملتحي، سألته الكمبيوتر هنا أقعد عليه ازاي، قالي تحجز دور وتقعد نص ساعة أو ساعة ببلاش، ولو محتاج تطبع حاجة ببلاش، قالي معاك إثبات شخصية، وريته كارنيه الجامعة، وبعدين بص على التيشيرت وقالي أنت مسلم؟ التيشيرت اللي مكتوب عليه بالإنجليزي "فخر المسلم" قولتله أيوا، اسمي يوسف من مصر، رحب بيا جدًا وضحكلي وقالي في أي وقت تعالى وهات جواز سفرك والكارنيه وأعمل عضوية في المكتبة، قولتله معدناش في مصر مكتبات بالشكل دا إلا نادر جدًا وعمرك ما تشوفها في حي فقير، قالي دي المكتبة العامة الصغيرة، المكتبة الضخمة موجودة في وسط البلد. شكرته وسلمت عليه، أذكر إن اسمه كان "مصعب" لو الذاكرة لم تخني. وصورت جزء من المكتبة واتكلت على الله لأني على وشك التأخر على المحاضرة. اللي في الصورة دا نص المكتبة، وفيه جزء كبير جدًا ورايا وأنا باصور.


وفي الطريق، شوفت مدرسة عامة مرسوم عليها رسمة شكلها جميل جدًا، أكيد تقريبًا بالميورال آرت اللي اتكلمت عنه قبل كدا، وتذكرت برده حال المدراس في مصر والكلام والإعلانات وأحيانًا الرسومات اللي بتكون عليها، وبشكل خاص افتكرت مدرسة في الحي السادس في مدينة نصر بعدي عليها كتير، ومن بعد الانقلاب مكتوب عليها عبارات زي: تسلم الأيادي، وعبارات تحريضية على الإسلاميين والإخوان الخونة.


بقيت بمشي بسرعة رهيبة عشان خلاص الوقت أزف وبالفعل وقت المحاضرة دخل، وانا داخل على ناحية الجامعة لقيت صالح آبي وزينب أبلة قدامي، رحت أطلق لقدمي العنان ورجريت علشان ألحقهم، وصلت سلمت عليهم، سألوني كنت فين، حكتلهم اللي حصل، قالولي إنهم برده راحوا مكتبة لأمة الإسلام يوم الجمعة لما رجعت أنا وإسرا مبنى المدينة الجامعية، وشافوه وبعدين رجعوا لصلاة الجمعة، وحكينا شوية حوالين أمة الإسلام ومشاكلها.

طلعت ودخلت متأخر حوالي عشر دقايق عن المحاضرة، كانت بتحاضر د.رايسيل عن حقوق الإنسان، وكان معانا كتاب مطبوع عن المواضيع اللي هندرسها سلموهولنا أول يوم في "بندل هيل"، كانوا سايبينه على سرير كل واحد في أوضته لما روحنا هناك. د.راسيل قدمت للموضوع، وعلاقة نشأت الإعلان بالحروب العالمية الأولى والتانية، وعلاقته بالهولوكوست وإن الهلوكوست تسبب بشكل مباشر أو غير مباشر بالتجمع وإطلاق الإعلان. من أكتر الحاجات المثيرة للاهتمام هو الحريات الأربعة اللي أطلقها فرانكلين روزفلت، بجد عجبوني جدًا، الحريات الأساسية الأربعة للإنسان بما يمكن ترجمته للعربية بـ: حرية التعبير والرأي، حرية التجمع، الحرية من الحاجة، الحرية من الخوف. يعني حرتين بصيغة إيجابية والتانيين بصيغة النفي، بالإنجليزي شكلهم أحسن لأنهم معمولين بالإنجليزي. والحرية من الحاجة يعني حق الإنسان أنه يكون غير ذليل للحاجة، زي اللي بنشوفه في بلادنا إن الإنسان عبد لحاجاته الأساسية من المأكل والمشرب والمسكن وأمور المعيشة، والحرية من الخوف، هو أن الأمن هو حق يجب أن يتوافر للإنسان وأن لا يكون ذليلًا أو عبدًا للخوف، بل متحررًا منه. لا دخلوا دماغي بأمانة.

بعد كدا بدأت في شرح تاريخ بدأ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وبعدين أديتنا خمس دقايق كل واحد يقرأ المواد الخاصة بحرية الاعتقاد بما إننا بندرس تعددية دينية ودا التخصص الأقرب لينا لدراسته، ودا نص إعلان حقوق الإنسان العالمي من الأمم المتحدة أنصح جدًا إن كل الناس تكون عرفاه. والأهم منه بالنسبة لكل مسلم إنه يعرف إن الحاجات الجميلة دي كلها مش جديدة، وإنها متأصلة ومتجذرة في الإسلام وإن الإسلام أسس لكتير منها في التاريخ والدنيا، وانصح بقراءة تأصل حقوق الإنسان في الإسلام من هذا المقال من جامعة منيسوتا. بعد شوية شرح وشوية مناقشات حول الحرية الدينية والتأسيس ليها من الآباء المنشئين لأمريكا وروزفلت. من طرق د.راسيل في الشرح إنها دايما تستخدم وسائل في الشرح وحاجات مادية تفتكر بيها اللي شرحته، واليوم دا كانت جايبة معاها توكة حزام، قالتلنا حكاية توكة الحزام دي إني لما أخدت درجة الدكتوراة أبويا جه وقالي: بصي يا رايسيل وأنا في الحرب العالمية التانية ضد ألمانيا، لقيت التوكة دي في أرض المعركة من واحد من الجنود الألمان، ومكتوب عليها بالألماني: نحن نثق في الله. وكان الدرس من ورا القصة دي إن الناس بتستغل اسم الإله عشان يبرروا لنفسهم مذابح وحروب، وما قد نسميه المتاجرة بالدين. وإن الألمان برروا لنفسهم مصايب كتير وجرائم في حق البشرية باسم الله.

في الآخر كان قدام كل واحد فينا يافطة صغيرة جدًا فاضية، وطلبت من كل واحد يكتب حاجة يفتخر بيها جدًا وبتمثل بالنسبة ليه حاجة مهمة جدًا في الحياة وبعد ما كلنا نكتب نقوم نقف ونتباهى بأشياء نفتخر بيها وبرزميتها في حياتنا، أي قيمة، أي مبدأ، أي كلمة، كله براحته. مفكرتش كتير، كتبت كلمة من قدام، وبعدين لفيت الورقة وكتبت كلمة تاني من ورا، قمنا كلنا نلف في الفصل ونوري بعض، كان فيه حاجات أتذكرها زي: السلام، العدل، الحب، لبنان. وأنا كنت كاتب من قدام "غـزّة"، ومن ورا "فلسطين"، وكذا حد أبدا إعجابه بيافطتي.

كان عندنا بعد المحاضرة ورشة عمل عن القيادة المجتمعية والعمل الميداني والقيادي في المجتمع المدني، وكانت د.ريبكا مستضيفة عميد كلية طب الأسنان بجامعة تيمبل، وبعد ما قدمته قالت إن فيه طالب معانا بيدرس طب أسنان هو إبراهيم بس متهيألي إبراهيم كان متأخر لما د.ريبكا عرفت بالراجل، الدكتور دا مسلم أصله عراقي، وهي دعته لأنه مؤسس اتحاد كبير لأطباء الأسنان تقريبًا على مستوى أمريكا وبيقوموا بأعمال ميدانية كتير، بدأ يعرف نفسه ويقول إن ليه أصول كتير من العراق وسوريا وتقريبًا الأردن، وإنه كان في الحزب الاشتراكي تقريبًا واضطر يطلع برة العراق بعد اضطهاد لأنه كان بيناوئ الحزب الحاكم. وأنه بيؤمن إنه مواطن دولي الأرض هي وطنه وإننا كلنا نتمي إلى أمنا الأرض بغض النظر عن الحدود والبلاد. في الآخر عرفنا بطريقة ما إن الراجل دا بيدعم إسرائيل والكيان الصهيوني بطريقة أو بأخرى. والغريب إنه بدهاء أبدى إعجابه باليافطة بتاعتي لما كنت واقف في الفصل وبالف بيها. إبراهيم لما جه اتعرف عليه وأخد إيميله علشان يتواصل معاه ويقابله بما إنه طالب أسنان وعاوز يعرف أكتر عن طب الأسنان في أمريكا. من الاهتمام اللي أي طالب بيلاقيه مننا، لو حابب يسأل على حاجة، مجرد ما نقول لإدارة البرنامج كانوا بيوفروه لينا قدر استطاعتهم، زي إن فيه عدد كبير مننا طلاب طب عمومًا، وطلبوا ياخدوا جولة طبية في يوم أجازة، هم: محمود ومارك وإبراهيم وشادي وزينب اللبنانية وحيد، كدا 6 من أصل عشرين، وبالفعل كلمولهم حد من كلية الطب واصطحبوهم في جولة في المستشفى ومحاضرة كاملة وعجبهم اليوم جدًا.

بعد كدا د.ريبكا بدأت تتكلم في ورشة العمل عن العمل الميادني وأهميته، وحبت تتكلم على صعيد عالمي ودولي، وقالت إن دا ممكن يدينا إلهام بالنسبة للخطط العملية بتاعتنا، واتكلمت عن حاجات كتير منها الأهداف الألفية للأمم المتحدة في العالم. وهم 8 أهداف تنموية للعالم تهدف الأمم المتحدة ليها وبتشجع وتحرض منظمات المجمتع المدني في العمل عليها.

الموضوع دا شغل بالي كتير جدًا، خاصة بعد دارسة لمحات عن التاريخ الأمريكي اللي هو كله على بعضه في حدود 200 سنة، هو إن الشعب دا في بدايته في أمريكا كان أكثر دموية، ثم تخلي عن دمويته، كان مستعمر فتحرر من استعماره، كان أكثر همجية وتخلف ورجعية وعنصرية مننا، فتخلى عن كل دا، الشعب دا كان بيقتل في بعضه أكتر مننا، تقريبًا كان أسوأ منا في كل النواحي اللي احنا عليها حاليًا، دا في ذاته كان بيدني أمل إننا نتحسن ونطور ولو بعد حين. الشعب الأمريكي وصل تقريبًا لذروة الحرية والعدالة، بالاعتراف إن فيه استثناءات وفي نفس الوقت فيه شطحات. ضيق الأفق يحمل الناس على الانبهار بالعمران والبنيان في أمريكا والغرب، لكن في وجهة نظري الازدهار في البنيان والمعمار سهلة الحدوث جدًا، الأصعب والأهم والأولى هو بناء الإنسان، بناء إنسانية الإنسان وبناء عقله، وترسيخ مبادئ الحق والعدل في الإنسان، لذلك فالتعليم في أمريكا يفترض أن يكون الشيء المبهر أولًا وقبل كل شيء، بل وحتى الشيء الوحيد، أروبا قد تعجب الناس أكثر من أمريكا في البنيان والمعمار والجمال، لكن أمريكا قفزت وازدهرت وتغير دراميًا عندما قاد بعض من ثلتها معركة الوعي ومعركة بناء الإنسان وفكره وعقله وعلمه، ودي المعركة الأولى التي يجب أن نخوضها ضد جهّال وأعداء الوطن سواءً في الداخل، والانقلابات والحكام الذين هم سرطانات تسري في جسد الوطن والامة، ثم في الخارج والحرب الخارجية على المسلمين والعرب. فعلًا التاريخ الأمريكي أعطاني الكثير من الأمل في تغير الشعوب من قمة العنصرية والدموية والتخلف والرجعية إلى ما وصلوا إليه الآن وهو حال أفضل بآلاف المرات من حالنا.

خلصنا ورجعنا مبنى السكن، وكان عندنا محاضرة تحضيرية عن رحلة نيويورك، أيون بقى الواحد متحمس فحت إننا نروح نيويورك، هتقود الرحلة د.رايسيل، وهي اللي هتكون معانا من هيئة التدريس مع صالح آبي وزينب أبلة وفادي وبس كدا، كنت زعلان إن جايكوب وهنا مش جايين معانا بالذات إنهم عايشين معانا هما كمان مع صالح آبي وزينب أبلة طول الوقت مش زي الباقيين بيروحوا ويجوا، وكتبتلهم بوست على الفيس ومع ميلاني وقولتلهم لو كان الموضوع بإيدي كنت لغيت الرحلة دي عشان من غيركم أو نطلع بيكم. أخدنا جدول لليومين، والأماكن اللي هنزورها، ومكان الفندق اللي هننزل فيه، وخريطة لنيويورك، وعرفنا نظام المترو هناك، وخطواتنا هتكون ايه بالظبط، وإن د.رايسيل هل الرأس الأول في هذه الرحلة. بعد ما كان عندهم اجتماع لهيئة التدريس، صالح آبي قال أنا بشجع الطلاب المسلمين على عدم الصيام غدًا في اليوم الأول للرحلة لأن الدنيا حر جدًا وإحنا على سفر واليوم هيكون طويل لدرجة إننا من أول ما نسافر ونوصل نيويورك هنبدأ البرنامج فورًا ومش هنروح على الفندق إلا باليل خالص، الكل قال تمام إلا أنا كنت متردد، قعد باصصلي، قالي أنت براحتك، بس أنا بجد خايف عليك، ود.ريبكا قالتلي أنا قلقانة عشان فيه حد أغمى عليه السنة اللي فاتت، دا ميخصنيش، في الآخر صالح آبي قالي أنت براحتك خالص.

رحنا اتجمعنا نفطر عند صالح آبي وزينب أبلة، ومن عاداتي اللي مش قد كدا، إني باتريق وباقلد الناس عشان أضحك يعني وأفرفش الجو، بس دا مش لذيذ خاصة إن البنات بياخدوا الموضوع دا وبيحز في نفسهم، ودا حصل كتير جدًا، خاصة إني كنت باتريق على بشاك بالانجليزي المكسر بتاعها، وليها لازمات كدا بالإنجليزي خليت الناس كلها تحفظها وترددها عنها، وكمان بشرى، وغالبًا مكناش بنبطل تضحيك عليهم، في مرة بشرى كنا قاعدين في السهراية بتاعتنا وقالت: مدرسة الأحياء قالتلنا وأنا صغيرة في ألمانيا إن الأطفال بيتولدوا بيض، وبعد 3 أيام يا لونهم يتغير يا يفضلوا زي ما هما، والواضح إنها كانت مؤمنة بالموضوع لغاية ما أنا وجايكوب اتريقنا عليها جامد، وبعدين مسكناها عليها ذلة، المهم صالح آبي وزينب أبلة لاحظوا إن البنات وخاصة بشرى حساسة جدًا، والتريقة والسخرية مش حاجة لذيذة حتى ولو بضحك، فكنت قايم بمرة باغسل حاجة في الحوض عندهم فوقفوا جنبي هما الاتنين، وبكل هزار وضحك وببساطة، قالولي بالراحة شوية على البنات ونحبك دايما تستخدم "لغة إيجابية"، وصالح آبي قالي البنات حساسين، وزينب أبلة تقولي آه أسألني أنا، عشان تكسبهم خلي لغتك إيجابية مع الكل، طريقتهم في النصح، وإنهم بيبينوا إنهم بينصحوني علشان بيحبوني، والنصيحة كانت مش قدام حد مع إننا كنا كلنا في الأوضة إلا إن محدش سمع كلامهم، يعني نصيحة في السر، كل دا خلاني أتقبل النصيحة بشكل عمري ما ظهر عليا في تقبل النصائح في حياتي، ومن ساعتها بحاول أتخلى عن عادة التريقة والسخرية اللي هي مش كويسة وموجودة فيا من زمن، ودايما بحاول أستخدم "اللغة الإيجابية". من الحاجات اللي كنت باقولها من زمان وكتبت عنها، هو إنك تحبب الناس فيك قبل أي حاجة، بعد ما الناس يحبوك انصحهم وادعوهم وقولهم كل اللي أنت عاوزه في الخير، ودا اللي حصل معايا بالظبط، بالفعل النصيحة مجاتش إلا لما خلاص يعني واضح إني باحب صالح آبي وزينب أبلة جدًا، وهما كمان نقلولي النصيحة وعلموني بحب. اتعلمت منهم الطريقة دي عمليًا وهحاول أطبقها في حياتي.

خلصنا وشربنا شاينا، وأكلنا شيكولاتتنا وقمنا نحضر الشنط، اللي قالولنا مفروض ناخد ايه بالظبط ومناخدش ايه، وطلبوا مننا ناخد غيار رسمي واحد على الأقل علشان لما نروح الأمم المتحدة، ومحدش ياخد حاجات كتير ولا تقيلة، لأنهم يومين بليلتين بس، ونلبس كوتشي مريح يوم السفر لأننا هنلف كتير، ومحدش ياخد اللابات لأنها تقيلة، بس أنا أخدت لابي لأنه نوت بوك خفيف. ألقاكم بكرة في يومين مشوقين وممتعين جدًا في نيورك، ومع إنهم برده مشوقين وممتعين جدًا كانوا في نفس الوقت مليئين بالصدامات والمشاكل، يومين في قمة التناقض اللي في الدنيا، جايلك يا نيويورك يا دولة!
  • تعليق
  • 0 تعليق

0 comments:

Post a Comment