جلّ من لا يسهوا، وأنا سهيت جامد في ترتيب بعض الأيام والأحداث بعد العودة إلى نيويورك، الحلقة اللي فاتت "يوم قبل وليلة العيد" كلها حصلت واللي حكيته وليلة العيد وكله تمام، إلا إن فيه شوية حاجات مش مترتبة بترتيب الأحداث صح، لكن كله حصل. سبب المشكل دا إننا لما رجعنا من نيويورك، جت هنا وزعت علينا جدول مطبوع بتغيرات في ترتيب المحاضرات والأنشطة وفيه زيادات وفيه يوم فاضي تمامًا كأجازة لأن البعض كان اشتكى من إن مفيش ولا يوم كامل على بعضه أجازة، الجدول دا مش معايا ولا اللي هو بعتمد عليه في ترتيب الأحداث لأن عندي القديم.
وبناءً عليه، قبل ما نحكي عن يوم العيد، لازم أرجع أقولكم ما فات، كأننا نطينا يوم ونص كدا، وبعدين هنرجع تاني في مسار ترتيب الأحداث الصحيح بدون لغبطة إن شاء الله، المشكلة إني فعلا وأنا باشوف الجدول كنت باقول بس مش إحنا عملنا كذا وكذا قبل العيد، والخروجة الفلانية؟ طيب ويوم الأجازة، اتلغبطت جامد، وكنت بحاول أوصل للجدول المعدل دا بس ملقتهوش عندي ولا على جروب المنحة. وتقريبا سألت ومش عند حد أو محدش حطهولي. ملحوقة!
لكن لما كتبت على الجروب، جاد ربنا يكرمه اهتم وبعتلي جدول الأسبوع الأخير، بس مش هو دا اللي عاوزه بالظبط، وإسرا - شكر خاص لإسرا - أنقذت حياة المدونة بإنها بعتتلي الجدول المعدل، عاجزين عن الشكر يا إسرا، إلهي يطعمك ما يحرمك يا ست هانم، ويكفيكي شر المرض.
لما رجعنا من نيويورك وبعد أول محاضرة "قولنا عنها"، د.باربرا جت وقالتلنا عندنا تقييم لرحلة نيويورك، كلنا كنا متحفزين وعاوزين نكتب قد ايه الرحلة كان فيها حشو للفكرة الصهيونية، صالح آبي كان كلمني قبلها وقالي في سري، إن في اجتماع أساتذة المنحة صالح آبي وزينب أبلة واجهوا راسيل قدام د.ريبكا وقالوا إنها تعمدت تهمشهم في البرنامج، وإنها استولت عليه. وتعمدت تدفعنا دفعًا للصهيونية في كل حتة في رحلة نيويورك، وقال إحنا وصلنا لأعلى درجات الحدة وقولنا ميهمناش نمشي من البرنامج، بس إحنا منقبلش نبيع ديننا وضميرنا ومبادئنا، واسألوا الطلاب! فقالي يا يوسف لازم الكلام يكون من ناحيتكم زي ناحيتنا عشان يكون فيه تأثير، قولتله لا تقلق يا صالح آبي إحنا كلنا متحفزين أصلًا، وكلنا مش هنكتب غير الحقيقة واللي حصل، وقبل ملئ الاستبيان كلنا كنا بنبص لبعض وكل واحد هيكتب اللي فيه النصيب. رحت قبل ما ابتدي اكتب الاستبيان لد.باربرا، قولتلها أكتب أي حاجة عاوزها هنا؟ قالتلي: آه، قولتلها أي حاجة أي حاجة؟ قالتلي: أكتب كل اللي أنت عاوز تكتبه، محدش هيكون هيطلع على الورق دا إلا أنا ود.ريبكا، قولتلها ماشي.
فاكر ساعتها، كان فيه زيطة وزنبليطة في الفصل، ود.باربرا قالتلي عاوزاك تكون المساعد بتاعي لهذه اللحظة وتخلي الكل يملا الاستبيان، ومش عاوزين صوت، وقفت كدا في النص وبصوت عالي، يا شباب بعد إذنكم هوزع عليكم الاستبيان دا، عن رحلة نيويورك وياريت كلنا نخلصه وإحنا قاعدين دلوقتي ومن غير شوشرة وصوت عالي ونسلمه لد.باربرا.
قعدت أكتب بكل طاقة الغضب اللي جوايا، قولت اختصارا إن الرحلة كانت بتتمحور حول الصهيونية التي دفعنا لها دفعًا في كل زيارة إلا "الأمم المتحدة بس!" وكان أكثر ما يغيظ ويثير الحنق دفعنا لمقابلة إمام صهيوني، وإن معنديش مانع يعرضوا للفكرة الصهيونية بس مش يروجوا، ولو هيعرضوا يعرضوا كمان الرأي المخالف وضد الصهيونية، خلصت كلام بالتفاصيل المملة في صفحتين كتابة. ورحت سلمت.
قعدنا مع الشباب نستطلع الآراء، ونشوف كل واحد عمل ايه، من الآراء اللي عجبتني كان رأي زينب اللبنانية: قالت أنا كتبت، أنا جاية هنا أدرس تعددية دينية وملناش علاقة بالسياسة، ودا كدا غصب لينا على سياسة وأفكار ضدنا وضد مبادئنا. ومحمود ومحمد، حتى إبراهيم كتب، وحتى آياز كمان لأن راسيل عملت معاه مشاكل هناك. تخيل 19 أو 18 طالب وطالبة من أصل عشرين، كلهم نزلوا فحت وردم في الاستبيان.
خلوني صريح، بعد ما خلصنا الاستبيان، نسيته، ولأن الفكرة دي مترسخة عندنا في مصر، إن صوتك ملهوش لازمة ولا تأثير، ممكن الواحد يكون اتعود، بس ولأول مرة الواحد هيحس بأن صوته ليه تأثير، وهاسيبكم بدون ما أقلكم إزاي إلا متأخر شوية عشان شوية إثارة. من أول النهاردة، محمود كان اشترى كاميرا نيكون احترافية لحد في مصر، وهنبدأ نستخدمها بقيت الرحلة، فهتشوفوا الصور العجب العجاب، والصور اللي على حق. والعبد لله اللي كان مسؤول الأول عن التصوير بالكاميرا دي بالذات، فكل الصورة اللي هتشوفوها بالكاميرا دي وأنا مش فيها، يبقى أنا اللي مصورها، نسأل الله الإخلاص.
نرجع للأيام المنسية، أول يوم سقط من الترتيب اللي في دماغي "منستوش تماما" بس ترتيبه جه غلط ووافق الترتيب الغلط ترتيب الجدول الغير معدل، كان يوم أجازة عملوه لينا فاضي خالص لأن مكانش فيه ولا يوم أجازة من أوله لآخره، كان يوم سبت، وتركوا لينا حرية الاختيار نروح فين ونعمل ايه، اليوم بتاعنا، عرضوا علينا لو فيه مجموعة كبيرة عاوزين يروحوا مكان معين فممكن ياخدونا ليه، كان فيه اقتراحين مسيطرين، نروح واحدة من أكبر سلاسل الملاهي اللي منشرة في أمريكا، واسمها ست أعلام "Six Flags" - ويكابيديا - ودي في نيوجيريسي وبعيدة، وهتكلف 60 دولار للشخص، وبيقولوا الطوابير هتبقى طويلة ومملة، مكانش عندي أي مشكلة إني أدفع الـ60 دولار في مقابل إني استمتع، الاقتراح التاني إننا نروح البحر على المحيط الأطلنطي في مدينة اسمها مدينة المحيط Ocean City - ويكابيديا - في نيوجيرسي برده. لكن فيه واحدة تاني بنفس الاسم في ماريلاند.
أنا شخصيا الخيارين حلوين بالنسبالي وأيًا كانت المجموعة الأكبر هروح معاها وقولتلهم كدا، بالنسبة لمحمد الفكرة التانية مبتذلة لأنه راح نفس المدينة نفس الشط مع أسرته المضيفة، المهم الناس استقرت في الآخر على مجموعة اتفقوا يروحوا مدينة المحيط، وصل العدد لعشرة بالظبط يعني نص الطلاب، كل المصريين واتنين لبنانيين، وتلاتة عراقيين. وأخدتنا برده د.جولي تطوعا في العربية الفان اللي مأجراها الصبح بدري وتوجهنا نحو نيوجيرسي ومدينة المحيط، اليوم كان لذيذ من أوله والجو حلو، أنا كنت الوحيد اللي صايم اليوم دا، والطريق كان فيه بعض الحتت زحمة والباقي سالك، ولما وصلنا على أعتاب المدينة وبدأنا نشوف المحيط والمناظر الطبيعية وشكل المدينة، حاجة مبهرة وممتعة وتمتع العيون والأبصار.
مارك اكتشف إنه نسي يجيب مايوه معاه من مصر، فراح يشتري مايوه، واشتروا شوية ألعاب وكورة قدم أمريكية بتاعة د.جولي، وشوية أكل عشان يفطروا، وأنا ومحمود أخدنا الشط رايح جاي، ومن باب الأمانة وذكر ووصف الشيء بكامله، كان فيه مايوهات حريمي لا أقبلها أنا شخصيًا بس مكانتش منتشرة الحمد لله، وغض البصر كان مقدور عليه وله سبيل، غير كدا، كل واهد في هالو، والمحيط فيه متسع الواحد ينزل بعيد عن كل الناس، وخلعت النضارة كمان وأنا نازل فبقى غض البصر أضمن وأضمن. اليوم غيّم شوية، والميا كانت ساقعة، لكن كانت ممتعة، نزلنا وعومنا ولعبنا شوية، وبعدين ساعتين تلاتة الشمس رجعت كأنها كانت محوشة السخونة، أنا طلعت مرهق نسبيًا من الميا ومن الصحيان بدري، فرحت نايم تحت أشعة الشمس الحارقة، لدرجة إني لما صحيت كنت حاطط الفوطة مغطية جزء من بطني والباقي لأ، جسمي أصبح ملون ومشوه، الجزء اللي تحت الفوطة بلونه الأصلي، والباقي محروق، ومحمود قعد يضحك عليا. قومنا لعبنا شوية بكرة القدم العادية، وبعدين بكورة القدم الأمريكية، عجبتنا شوية فيها فكرة، ومحمود كان فكر يشتري منها واحدة.
نزلنا الميا مرتين تلاتة كمان، وأنا آخر مرة طلعت نشفت وامتنعت أنزل تاني واستكفيت إني أتمشى وأستمتع بالمنظر، طبعًا النضافة والفرق في الشواطئ رهيب، فيه طيارات صغيرة، بتعمل إعلانات ودعايا بتعدي كل شوية، وكمان واحنا داخلين أول الشط دفعنا تذكرة الدخول خمسة دولار، والإبداع البسيط إنك مش بتاخد تذكرة، لأ بتاخد دبوس كدا مكتوب عليه اليوم والتاريخ، وممكن تعلقه في شورت أو تيشيرت، وكمان ناس بتفتش جوا على الشط نفسه على الدبوس دا، وحصل معانا بالفعل، بكل أدب وذوق وأخلاق. دا الواحد يحب يفتشوا عليه لو الناس محترمة كدا!
خلصنا، وقررت أنا ومحمود ناخد الممشى اللي قدام الشط كله رايح جاي ونلف في المحلات، محلات أشكال وألوان ولبس وأكل وشرب وحاجات لذيذة، وفيه كمان مدينة ملاهي صغيرة "بس حلوة جدًا ومش نص كم" ورا الممشى بتاع الشط علطول، كان في منهم جعانين جابوا أكل وكلوا، الآيس كريم، وكل لوازم والأكلات الشهيرة للبحر موجودة، بس لفت انتباهي مفيش سمك.
بعديها، د.جولي قالتلنا إن واحدة صاحبتها ساكنة قريب، وهنروح كلنا نسلم معاها عليها، انطلقنا كدا على العصارى، وصلنا عندهم، كان قريب جدًا، البيت رهيب، عندها ولد وبنت وجوزها، سلموا علينا ورحبوا بينا جدًا وعرضوا علينا أكل وشرب، وكذا حد دخلوا أخدوا دش بعد البحر، وأنا قعدت في التراس، واستأذنت منهم أصلي، دخلوني أوضة وصليت الضهر والعصر. الحقيقة كانوا لطاف جدا بالظبط زي د.جولي اللي عاملة كل دا معانا تطوعًا. ومضيعة يوم أجازتها معانا عشان تفسحنا وتودينا الشط. خلصنا عندهم بعد ما قعدنا نتكلم معاهم شوية ونتفرج على البيت وناخد شوية صور في التراس. وبعدين قرروا يرجعوا تاني يلعبوا شوية في الملاهي، أنا مكنتش حابب ألعب، وقررت أصورهم، وبعدين رحت حجزت ليا بيتزا من أفضل مطعم قالوا عليه، وكان بالفعل أزحم مطعم، عشان أفطر عليها على المغرب، محمد قالي هاتلي معاك. قعدت أصورهم شوية، وبعدين رحت أجيب البيتزا بتاعتي، قعدت كلت ورجعتلهم. وديت لمحمد البيتزا بتاعته، كلنا وكان معاهم باقي كوبونات من لعبهم، فجمعوهم وقالولي إحنا لعبنا وخلصنا وزهقنا، خد دول ألعب بيهم لعبة، شكرتهم وبالفعل جربت أكتر لعبة "صعبة" أو لذيذة بالنسبة للملاهي دي، هيا شبه ديسكافري بتاعة دريم بارك بس على صغير، كانت لذيذة جدًا، أثناء ما كنت باصورهم وهما بيلعبوا فيديو وصور، الواد إبراهيم شكله داخ ووشه احمرّ، وعملت عليه حفلة، وطبعًا أمر مفروغ منه إن البنات كانوا بيصوتوا.
اليوم اللي بعده كان عندنا من الصبح على الساعة 10 يوم زيارة لكنايس شرق أوسطية، يعني كنيسة مارونية وكنيسة أرثوذكسية قبطية مصرية، اتقسمنا مجموعتين، المصريين والعراقيين راحوا الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، واللبنانيين والأتراك راحوا الكنيسة المارونية، ليه؟ لأن الأقباط طبعًا معظمهم مصريين يبقى كدا مارك يروح كنيسته، والمسيحيين اللبنانين والأتراك بيكونوا معظمهم مراونة، فيروحوا كنيستهم برده، واحنا نروح نشاهد ونتعلم. كان معانا في مجموعتنا زينب أبلة، والمجموعة التانية فيها صالح آبي وكان أول مرة يتفرقوا في البرنامج وقعدنا نضحك ونهزر على الموضوع دا، كان مارك سبقنا الصبح بدري وراح الكنيسة لأن القداس بيقعد كتير جدا واحنا رايحين آخر ساعتين بس فيه. وكان معانا هنا، وبقيت المصريين والأتراك، رحنا في العربية الكبيرة اللي د.جولي كانت مأجراها. الطريق كان طويل شوية، والمدينة اللي فيها الكنيسة يعني بعيدة عن قلب فلادلفيا بحبة حلوين، فاكر اليوم دا في الطريق أنا ومحمود ومحمد كانت طالبة معانا ثورية وفتحنا شوية أغاني ألتراس قعدنا نغنيهم "شمس الحرية"، "كان دايما فاشل". ودارت شوية نقاشات معانا ومع هنا اليوم دا أولهم إننا مسمرين خالص، فبتقولنا متزعلوش عشان شكلكوا أسمر، قولتلها ولا يفرق معانا إحنا جامدين أوي، قالتلي لأ مفروض يفرق علشان سرطان الجلد، قولتلها ولا سرطان ولا غيره، المصري طول عمره معروف بقوته وبجبروته. المهم مكنتش معترف إن السمار هيمثل معانا أي فرق، ومش معترف بالطب ولا أي حاجة. هو كدا، خلاص!
لما وصلنا ناحية الكنيسة، شوفنا مصريين كتير في المنطقة وعرفنا من قبل ما نوصل إننا وصلنا، وناس لما كنا بنركن سلموا علينا وكلمونا بالمصري، ايه دا يا جودعان، المصريين كلهم هنا ولا ايه؟ دخلنا، القداس كان طويل جدا بصراحة، بعضنا ملّ وطلعوا الموبايلات وقعدوا ينتتوا "من نتت أي فتح النت". كنيسة القديس جورج، كانوا بيصلوا بالعربي واللغة القبطية والانجليزي، كل حاجة بتردد كانت بتقال ومكتوبة باللغات الثلاثة. وبعدين أنهوا شعائر القداس، وأخدوا البركة من القسّ، وإحنا طلعنا عشان نسمع محاضرة مصغرة. الكنيسة مش مقتصرة على الصلاة، كان فيها حضانة تقريبًا ومدرسة صيفية، وأظن ما يشبه تعليم الكتاب المقدس والعقيدة الأرثوذكسية.
جالنا واحد اسمه جورج، أصله مصري، بس تقريبا اتولد وعاش في أمريكا، لفت أنتباهي في حديثه حاجتين، الإنجليزي بتاعه خرافي بطبيعة الحال، بس فيه ناس كتير بتتولد وتعيش في أمريكا والإنجليزي بتاعها مش قوي زيه - حقيقي - وغير كدا كان بيتكلم عن دينه بعاطفية جميلة، ودي طريقة ممتازة لإيصال فكرة الملل، الكلام بعاطفة صادقة وجياشة، عجبني طريقة كلامه، كلام كله معروف بالنسبالنا إحنا المصريين عن حاجات في العقيدة الأرثوذكسية وبعض الفروق بينها وبين غيرها، وكلمنا شوية عن حياة المسيح وبعض الصور في الأوضة اللي كنا قادعين فيها، كانت أوضة بينج بونج - تنس طاولة - وإحنا قاعدين كلنا بنسمعه، بعض الأسئلة تطرقت عن الأحوال في مصر، وقال إن الكنيسة كانت بتقول للجميع يلتزم الصمت في أحداث زي حريق الكنايس في عصر مرسي، وقال بطريقة أو بأخرى إن الكنيسة المصرية راضية عن الوضع الحالي. واتكلم شوية عن الاضهادات اللي اتعرض ليها الأقباط المسيحيين في مصر. وواضح إن فيه وحدة قوية جدا بين الكنيسة الأرثوذكسية في العالم وتواصل وترابط شديد، كان بيان بكل كلامه عن الكنيسة المصرية والبابا، واتكلم شوية عن درجات القساوسة في الكنيسة القبطية. شكرناه وسلمنا عليه وتوجهنا إلى الخارج، وفي الطريق مارك قال اقتراح ننزل عند فيرموت أعمال المياه - ويكابيديا - ، وهي حاجة مائية كانت بتدار عليها فلادلفيا على ما أعتقد صممها مهندس فنان، وأخدت واحدة من جوائز الجمال، ومن أكثر الأماكن جذبًا للسياح في فلادلفيا، موقعها جنب متحف فلادلفيا للفنون اللي ليه سلالم طويلة جدا اللي كان سلفستر استنلوني في فيلم روكي بيتدرب عليها، وروكي ليه تمثال جنب المتحف.
نزلونا بالفعل في الطريق، نزلنا كل المصريين، ومعانا شهد العراقية، أخدنا شوية صور عنب، الخضرة والميا والتصميم بتاع المكان رائع جدًا، والكاميرا الاحترافية الجديدة ساعدتنا ناخد صور رائعة.
كان عندنا بعدها حاجة مهمة جدًا، منتدى عن حوار الأديان وعلاقته بالعمل، خلصنا في وقت مناسب وقولنا نمشي، اتمشينا وسط حدائق عامة شكلها رهيب، وناس واقفين يلعبوا شطرنج بشطرنج عملاقة، والحدائق العامة مزينة وشكلها حلو جدًا، شغلنا الـGPS ومشينا لأقرب محطة مترو، وركبنا منها ووصلنا في المعاد، كان المنتدى معمول في مبنى أول مرة نروحه في الجامعة، فخم جدًا على شكل قلعة. دخلنا وأخدنا شوية صور. دخلنا وكنت لابس التيشيرت بتاعي المكتوب عليه"أنا بحب مصر ثورة شباب 25 يناير" شافتهد.جوليت وبنتها وقفوا قدامي يستهجوا ويقرأوه. قريتهلهم وفهمتهم معناه وشوية وجه علي عزت ووراهم التيشيرت اللي جايب منه كذا لون ومكتوب عليه بالعبري حاجة تعاطفية مع إسرائيل. وقالهم زي ما يوسف بيلبس أنا مسلم وافتخر أنا كمان بالبس حاجات تعاطفية مع إسرائيل سيبتهم يزيطوا مع بعض ومشيت. سمعنا بعدها إن علي كان ماشي في الشارع مرة بالتيشيرت دا وحد أداله بونية في صدره بسبب التيشيرت، رد فعل مش متحضر بس التيشيرت فعلا مستفز لناس كتير وإن كان دا لا يبرر للبونية اللي اترزعها. والمنتدى وكان فيه ضيوف بجانب أستاذتنا، المتندى كان يرأسه بروفيسور لين سويدلر رئيس معهد الحوار، ومعاه على المنصة واحد يهودي - جوز جوليت - وحد مسيحي وواحدة مسلمة وواحدة بهائية على ما أتذكر، وكل واحد فيهم اتكلم عن تجاربه الدينية في العمل من ناحية السماح بالراحة والصلاة وأجازة يوم السبت لليهود المتدنين اللي مش بيشتغلوا يوم السبت، واتكلموا عن قصص كتير ومواقف حصلتلهم عن التسامح الديني والتعايش في الشغل، وإن بعض الزملاء عملوا حفلة للاحتفال بعيد ديني لزميل ليهم، وهكذا دواليك.
وبعد كدا قسمنا مجموعات وكل مجموعة أخدت مجموعة مواقف لو حصلت في العمل هتعملوا معاها ايه، يعني فاكر منها: لو موظف جالك وقالك إنه عاوز يتكلم عن دينه في وقت الاستراحة تعمل ايه؟ توافق ولا ترفض ولا أساس ايه؟ وأنا فاكر إني قولت إنه مش عيب وحاجة كويسة إن الموظفين يعرفوا أديان بعض عشان يحترموا الأديان والشعائر والأعياد وإلخ، بالإضافة إني مش هسيبه يعمل كدا لوحده ولا يبشر بدينه، أنا هاخلي كل واحد يقول كدا، واللي حابب يسمع يسمع واللي مش حابب دا وقت راحة براحته، كان خلاف بيني وبين آياز في النقطة دي. ومواقف تانية زي لو واحدة ممرضة شغالة مع دكتور في يوم زحمة بتقول إن دا عيد ليها في دين مش معروف ومش عالمي، والدكتور مكانش يعرف، وفي الآخر جمعنا إجابتنا واتطلب من كل مجموعة تطلع واحد يتكلم عن موقف من المواقف دي وطريقة التعامل معاها، كانت حاجة نقاشية لذيذة ومثمرة ومعبرة عن آراء مختلفة.
وبناءً عليه، قبل ما نحكي عن يوم العيد، لازم أرجع أقولكم ما فات، كأننا نطينا يوم ونص كدا، وبعدين هنرجع تاني في مسار ترتيب الأحداث الصحيح بدون لغبطة إن شاء الله، المشكلة إني فعلا وأنا باشوف الجدول كنت باقول بس مش إحنا عملنا كذا وكذا قبل العيد، والخروجة الفلانية؟ طيب ويوم الأجازة، اتلغبطت جامد، وكنت بحاول أوصل للجدول المعدل دا بس ملقتهوش عندي ولا على جروب المنحة. وتقريبا سألت ومش عند حد أو محدش حطهولي. ملحوقة!
لكن لما كتبت على الجروب، جاد ربنا يكرمه اهتم وبعتلي جدول الأسبوع الأخير، بس مش هو دا اللي عاوزه بالظبط، وإسرا - شكر خاص لإسرا - أنقذت حياة المدونة بإنها بعتتلي الجدول المعدل، عاجزين عن الشكر يا إسرا، إلهي يطعمك ما يحرمك يا ست هانم، ويكفيكي شر المرض.
لما رجعنا من نيويورك وبعد أول محاضرة "قولنا عنها"، د.باربرا جت وقالتلنا عندنا تقييم لرحلة نيويورك، كلنا كنا متحفزين وعاوزين نكتب قد ايه الرحلة كان فيها حشو للفكرة الصهيونية، صالح آبي كان كلمني قبلها وقالي في سري، إن في اجتماع أساتذة المنحة صالح آبي وزينب أبلة واجهوا راسيل قدام د.ريبكا وقالوا إنها تعمدت تهمشهم في البرنامج، وإنها استولت عليه. وتعمدت تدفعنا دفعًا للصهيونية في كل حتة في رحلة نيويورك، وقال إحنا وصلنا لأعلى درجات الحدة وقولنا ميهمناش نمشي من البرنامج، بس إحنا منقبلش نبيع ديننا وضميرنا ومبادئنا، واسألوا الطلاب! فقالي يا يوسف لازم الكلام يكون من ناحيتكم زي ناحيتنا عشان يكون فيه تأثير، قولتله لا تقلق يا صالح آبي إحنا كلنا متحفزين أصلًا، وكلنا مش هنكتب غير الحقيقة واللي حصل، وقبل ملئ الاستبيان كلنا كنا بنبص لبعض وكل واحد هيكتب اللي فيه النصيب. رحت قبل ما ابتدي اكتب الاستبيان لد.باربرا، قولتلها أكتب أي حاجة عاوزها هنا؟ قالتلي: آه، قولتلها أي حاجة أي حاجة؟ قالتلي: أكتب كل اللي أنت عاوز تكتبه، محدش هيكون هيطلع على الورق دا إلا أنا ود.ريبكا، قولتلها ماشي.
فاكر ساعتها، كان فيه زيطة وزنبليطة في الفصل، ود.باربرا قالتلي عاوزاك تكون المساعد بتاعي لهذه اللحظة وتخلي الكل يملا الاستبيان، ومش عاوزين صوت، وقفت كدا في النص وبصوت عالي، يا شباب بعد إذنكم هوزع عليكم الاستبيان دا، عن رحلة نيويورك وياريت كلنا نخلصه وإحنا قاعدين دلوقتي ومن غير شوشرة وصوت عالي ونسلمه لد.باربرا.
قعدت أكتب بكل طاقة الغضب اللي جوايا، قولت اختصارا إن الرحلة كانت بتتمحور حول الصهيونية التي دفعنا لها دفعًا في كل زيارة إلا "الأمم المتحدة بس!" وكان أكثر ما يغيظ ويثير الحنق دفعنا لمقابلة إمام صهيوني، وإن معنديش مانع يعرضوا للفكرة الصهيونية بس مش يروجوا، ولو هيعرضوا يعرضوا كمان الرأي المخالف وضد الصهيونية، خلصت كلام بالتفاصيل المملة في صفحتين كتابة. ورحت سلمت.
قعدنا مع الشباب نستطلع الآراء، ونشوف كل واحد عمل ايه، من الآراء اللي عجبتني كان رأي زينب اللبنانية: قالت أنا كتبت، أنا جاية هنا أدرس تعددية دينية وملناش علاقة بالسياسة، ودا كدا غصب لينا على سياسة وأفكار ضدنا وضد مبادئنا. ومحمود ومحمد، حتى إبراهيم كتب، وحتى آياز كمان لأن راسيل عملت معاه مشاكل هناك. تخيل 19 أو 18 طالب وطالبة من أصل عشرين، كلهم نزلوا فحت وردم في الاستبيان.
خلوني صريح، بعد ما خلصنا الاستبيان، نسيته، ولأن الفكرة دي مترسخة عندنا في مصر، إن صوتك ملهوش لازمة ولا تأثير، ممكن الواحد يكون اتعود، بس ولأول مرة الواحد هيحس بأن صوته ليه تأثير، وهاسيبكم بدون ما أقلكم إزاي إلا متأخر شوية عشان شوية إثارة. من أول النهاردة، محمود كان اشترى كاميرا نيكون احترافية لحد في مصر، وهنبدأ نستخدمها بقيت الرحلة، فهتشوفوا الصور العجب العجاب، والصور اللي على حق. والعبد لله اللي كان مسؤول الأول عن التصوير بالكاميرا دي بالذات، فكل الصورة اللي هتشوفوها بالكاميرا دي وأنا مش فيها، يبقى أنا اللي مصورها، نسأل الله الإخلاص.
نرجع للأيام المنسية، أول يوم سقط من الترتيب اللي في دماغي "منستوش تماما" بس ترتيبه جه غلط ووافق الترتيب الغلط ترتيب الجدول الغير معدل، كان يوم أجازة عملوه لينا فاضي خالص لأن مكانش فيه ولا يوم أجازة من أوله لآخره، كان يوم سبت، وتركوا لينا حرية الاختيار نروح فين ونعمل ايه، اليوم بتاعنا، عرضوا علينا لو فيه مجموعة كبيرة عاوزين يروحوا مكان معين فممكن ياخدونا ليه، كان فيه اقتراحين مسيطرين، نروح واحدة من أكبر سلاسل الملاهي اللي منشرة في أمريكا، واسمها ست أعلام "Six Flags" - ويكابيديا - ودي في نيوجيريسي وبعيدة، وهتكلف 60 دولار للشخص، وبيقولوا الطوابير هتبقى طويلة ومملة، مكانش عندي أي مشكلة إني أدفع الـ60 دولار في مقابل إني استمتع، الاقتراح التاني إننا نروح البحر على المحيط الأطلنطي في مدينة اسمها مدينة المحيط Ocean City - ويكابيديا - في نيوجيرسي برده. لكن فيه واحدة تاني بنفس الاسم في ماريلاند.
أنا شخصيا الخيارين حلوين بالنسبالي وأيًا كانت المجموعة الأكبر هروح معاها وقولتلهم كدا، بالنسبة لمحمد الفكرة التانية مبتذلة لأنه راح نفس المدينة نفس الشط مع أسرته المضيفة، المهم الناس استقرت في الآخر على مجموعة اتفقوا يروحوا مدينة المحيط، وصل العدد لعشرة بالظبط يعني نص الطلاب، كل المصريين واتنين لبنانيين، وتلاتة عراقيين. وأخدتنا برده د.جولي تطوعا في العربية الفان اللي مأجراها الصبح بدري وتوجهنا نحو نيوجيرسي ومدينة المحيط، اليوم كان لذيذ من أوله والجو حلو، أنا كنت الوحيد اللي صايم اليوم دا، والطريق كان فيه بعض الحتت زحمة والباقي سالك، ولما وصلنا على أعتاب المدينة وبدأنا نشوف المحيط والمناظر الطبيعية وشكل المدينة، حاجة مبهرة وممتعة وتمتع العيون والأبصار.
مارك اكتشف إنه نسي يجيب مايوه معاه من مصر، فراح يشتري مايوه، واشتروا شوية ألعاب وكورة قدم أمريكية بتاعة د.جولي، وشوية أكل عشان يفطروا، وأنا ومحمود أخدنا الشط رايح جاي، ومن باب الأمانة وذكر ووصف الشيء بكامله، كان فيه مايوهات حريمي لا أقبلها أنا شخصيًا بس مكانتش منتشرة الحمد لله، وغض البصر كان مقدور عليه وله سبيل، غير كدا، كل واهد في هالو، والمحيط فيه متسع الواحد ينزل بعيد عن كل الناس، وخلعت النضارة كمان وأنا نازل فبقى غض البصر أضمن وأضمن. اليوم غيّم شوية، والميا كانت ساقعة، لكن كانت ممتعة، نزلنا وعومنا ولعبنا شوية، وبعدين ساعتين تلاتة الشمس رجعت كأنها كانت محوشة السخونة، أنا طلعت مرهق نسبيًا من الميا ومن الصحيان بدري، فرحت نايم تحت أشعة الشمس الحارقة، لدرجة إني لما صحيت كنت حاطط الفوطة مغطية جزء من بطني والباقي لأ، جسمي أصبح ملون ومشوه، الجزء اللي تحت الفوطة بلونه الأصلي، والباقي محروق، ومحمود قعد يضحك عليا. قومنا لعبنا شوية بكرة القدم العادية، وبعدين بكورة القدم الأمريكية، عجبتنا شوية فيها فكرة، ومحمود كان فكر يشتري منها واحدة.
نزلنا الميا مرتين تلاتة كمان، وأنا آخر مرة طلعت نشفت وامتنعت أنزل تاني واستكفيت إني أتمشى وأستمتع بالمنظر، طبعًا النضافة والفرق في الشواطئ رهيب، فيه طيارات صغيرة، بتعمل إعلانات ودعايا بتعدي كل شوية، وكمان واحنا داخلين أول الشط دفعنا تذكرة الدخول خمسة دولار، والإبداع البسيط إنك مش بتاخد تذكرة، لأ بتاخد دبوس كدا مكتوب عليه اليوم والتاريخ، وممكن تعلقه في شورت أو تيشيرت، وكمان ناس بتفتش جوا على الشط نفسه على الدبوس دا، وحصل معانا بالفعل، بكل أدب وذوق وأخلاق. دا الواحد يحب يفتشوا عليه لو الناس محترمة كدا!
خلصنا، وقررت أنا ومحمود ناخد الممشى اللي قدام الشط كله رايح جاي ونلف في المحلات، محلات أشكال وألوان ولبس وأكل وشرب وحاجات لذيذة، وفيه كمان مدينة ملاهي صغيرة "بس حلوة جدًا ومش نص كم" ورا الممشى بتاع الشط علطول، كان في منهم جعانين جابوا أكل وكلوا، الآيس كريم، وكل لوازم والأكلات الشهيرة للبحر موجودة، بس لفت انتباهي مفيش سمك.
بعديها، د.جولي قالتلنا إن واحدة صاحبتها ساكنة قريب، وهنروح كلنا نسلم معاها عليها، انطلقنا كدا على العصارى، وصلنا عندهم، كان قريب جدًا، البيت رهيب، عندها ولد وبنت وجوزها، سلموا علينا ورحبوا بينا جدًا وعرضوا علينا أكل وشرب، وكذا حد دخلوا أخدوا دش بعد البحر، وأنا قعدت في التراس، واستأذنت منهم أصلي، دخلوني أوضة وصليت الضهر والعصر. الحقيقة كانوا لطاف جدا بالظبط زي د.جولي اللي عاملة كل دا معانا تطوعًا. ومضيعة يوم أجازتها معانا عشان تفسحنا وتودينا الشط. خلصنا عندهم بعد ما قعدنا نتكلم معاهم شوية ونتفرج على البيت وناخد شوية صور في التراس. وبعدين قرروا يرجعوا تاني يلعبوا شوية في الملاهي، أنا مكنتش حابب ألعب، وقررت أصورهم، وبعدين رحت حجزت ليا بيتزا من أفضل مطعم قالوا عليه، وكان بالفعل أزحم مطعم، عشان أفطر عليها على المغرب، محمد قالي هاتلي معاك. قعدت أصورهم شوية، وبعدين رحت أجيب البيتزا بتاعتي، قعدت كلت ورجعتلهم. وديت لمحمد البيتزا بتاعته، كلنا وكان معاهم باقي كوبونات من لعبهم، فجمعوهم وقالولي إحنا لعبنا وخلصنا وزهقنا، خد دول ألعب بيهم لعبة، شكرتهم وبالفعل جربت أكتر لعبة "صعبة" أو لذيذة بالنسبة للملاهي دي، هيا شبه ديسكافري بتاعة دريم بارك بس على صغير، كانت لذيذة جدًا، أثناء ما كنت باصورهم وهما بيلعبوا فيديو وصور، الواد إبراهيم شكله داخ ووشه احمرّ، وعملت عليه حفلة، وطبعًا أمر مفروغ منه إن البنات كانوا بيصوتوا.
بعد المغرب والدنيا ليلت، البعض راح يجيب آيس كريم، وكذا حد جابوا هدوم كدا شتوية، وتبضعوا شوية، واتفقنا نتقابل في حتة معينة جنب مكان العربية عشان ننطلق. كنا كلنا خلاص جبنا آخرنا، وقضينا اليوم كله بالطول والعرض، لغاية أخره، رجعنا نشوف بقيت حال العشرة اللي قعدوا، بعضهم قضا يوم لذيذ وبعضهم معملش أي حاجة بتاتًا، يعني كانوا متغاظين شوية إنهم ضيعوا اليوم على عكسنا استغليناه استغلال عالي. كل واحد دخل بإرهاق اليوم الممتع وخلد إلى النوم في سبات عميق. ومع المحيط وجو المحيط كان لازم أسمع أغنيتي المفضلة في هذا الصدد "أسرار المحيط".
اليوم اللي بعده كان عندنا من الصبح على الساعة 10 يوم زيارة لكنايس شرق أوسطية، يعني كنيسة مارونية وكنيسة أرثوذكسية قبطية مصرية، اتقسمنا مجموعتين، المصريين والعراقيين راحوا الكنيسة الأرثوذكسية القبطية، واللبنانيين والأتراك راحوا الكنيسة المارونية، ليه؟ لأن الأقباط طبعًا معظمهم مصريين يبقى كدا مارك يروح كنيسته، والمسيحيين اللبنانين والأتراك بيكونوا معظمهم مراونة، فيروحوا كنيستهم برده، واحنا نروح نشاهد ونتعلم. كان معانا في مجموعتنا زينب أبلة، والمجموعة التانية فيها صالح آبي وكان أول مرة يتفرقوا في البرنامج وقعدنا نضحك ونهزر على الموضوع دا، كان مارك سبقنا الصبح بدري وراح الكنيسة لأن القداس بيقعد كتير جدا واحنا رايحين آخر ساعتين بس فيه. وكان معانا هنا، وبقيت المصريين والأتراك، رحنا في العربية الكبيرة اللي د.جولي كانت مأجراها. الطريق كان طويل شوية، والمدينة اللي فيها الكنيسة يعني بعيدة عن قلب فلادلفيا بحبة حلوين، فاكر اليوم دا في الطريق أنا ومحمود ومحمد كانت طالبة معانا ثورية وفتحنا شوية أغاني ألتراس قعدنا نغنيهم "شمس الحرية"، "كان دايما فاشل". ودارت شوية نقاشات معانا ومع هنا اليوم دا أولهم إننا مسمرين خالص، فبتقولنا متزعلوش عشان شكلكوا أسمر، قولتلها ولا يفرق معانا إحنا جامدين أوي، قالتلي لأ مفروض يفرق علشان سرطان الجلد، قولتلها ولا سرطان ولا غيره، المصري طول عمره معروف بقوته وبجبروته. المهم مكنتش معترف إن السمار هيمثل معانا أي فرق، ومش معترف بالطب ولا أي حاجة. هو كدا، خلاص!
لما وصلنا ناحية الكنيسة، شوفنا مصريين كتير في المنطقة وعرفنا من قبل ما نوصل إننا وصلنا، وناس لما كنا بنركن سلموا علينا وكلمونا بالمصري، ايه دا يا جودعان، المصريين كلهم هنا ولا ايه؟ دخلنا، القداس كان طويل جدا بصراحة، بعضنا ملّ وطلعوا الموبايلات وقعدوا ينتتوا "من نتت أي فتح النت". كنيسة القديس جورج، كانوا بيصلوا بالعربي واللغة القبطية والانجليزي، كل حاجة بتردد كانت بتقال ومكتوبة باللغات الثلاثة. وبعدين أنهوا شعائر القداس، وأخدوا البركة من القسّ، وإحنا طلعنا عشان نسمع محاضرة مصغرة. الكنيسة مش مقتصرة على الصلاة، كان فيها حضانة تقريبًا ومدرسة صيفية، وأظن ما يشبه تعليم الكتاب المقدس والعقيدة الأرثوذكسية.
جالنا واحد اسمه جورج، أصله مصري، بس تقريبا اتولد وعاش في أمريكا، لفت أنتباهي في حديثه حاجتين، الإنجليزي بتاعه خرافي بطبيعة الحال، بس فيه ناس كتير بتتولد وتعيش في أمريكا والإنجليزي بتاعها مش قوي زيه - حقيقي - وغير كدا كان بيتكلم عن دينه بعاطفية جميلة، ودي طريقة ممتازة لإيصال فكرة الملل، الكلام بعاطفة صادقة وجياشة، عجبني طريقة كلامه، كلام كله معروف بالنسبالنا إحنا المصريين عن حاجات في العقيدة الأرثوذكسية وبعض الفروق بينها وبين غيرها، وكلمنا شوية عن حياة المسيح وبعض الصور في الأوضة اللي كنا قادعين فيها، كانت أوضة بينج بونج - تنس طاولة - وإحنا قاعدين كلنا بنسمعه، بعض الأسئلة تطرقت عن الأحوال في مصر، وقال إن الكنيسة كانت بتقول للجميع يلتزم الصمت في أحداث زي حريق الكنايس في عصر مرسي، وقال بطريقة أو بأخرى إن الكنيسة المصرية راضية عن الوضع الحالي. واتكلم شوية عن الاضهادات اللي اتعرض ليها الأقباط المسيحيين في مصر. وواضح إن فيه وحدة قوية جدا بين الكنيسة الأرثوذكسية في العالم وتواصل وترابط شديد، كان بيان بكل كلامه عن الكنيسة المصرية والبابا، واتكلم شوية عن درجات القساوسة في الكنيسة القبطية. شكرناه وسلمنا عليه وتوجهنا إلى الخارج، وفي الطريق مارك قال اقتراح ننزل عند فيرموت أعمال المياه - ويكابيديا - ، وهي حاجة مائية كانت بتدار عليها فلادلفيا على ما أعتقد صممها مهندس فنان، وأخدت واحدة من جوائز الجمال، ومن أكثر الأماكن جذبًا للسياح في فلادلفيا، موقعها جنب متحف فلادلفيا للفنون اللي ليه سلالم طويلة جدا اللي كان سلفستر استنلوني في فيلم روكي بيتدرب عليها، وروكي ليه تمثال جنب المتحف.
نزلونا بالفعل في الطريق، نزلنا كل المصريين، ومعانا شهد العراقية، أخدنا شوية صور عنب، الخضرة والميا والتصميم بتاع المكان رائع جدًا، والكاميرا الاحترافية الجديدة ساعدتنا ناخد صور رائعة.
الصورة الرئيسية للمدونة من التقاط العبد لله |
كان عندنا بعدها حاجة مهمة جدًا، منتدى عن حوار الأديان وعلاقته بالعمل، خلصنا في وقت مناسب وقولنا نمشي، اتمشينا وسط حدائق عامة شكلها رهيب، وناس واقفين يلعبوا شطرنج بشطرنج عملاقة، والحدائق العامة مزينة وشكلها حلو جدًا، شغلنا الـGPS ومشينا لأقرب محطة مترو، وركبنا منها ووصلنا في المعاد، كان المنتدى معمول في مبنى أول مرة نروحه في الجامعة، فخم جدًا على شكل قلعة. دخلنا وأخدنا شوية صور. دخلنا وكنت لابس التيشيرت بتاعي المكتوب عليه"أنا بحب مصر ثورة شباب 25 يناير" شافتهد.جوليت وبنتها وقفوا قدامي يستهجوا ويقرأوه. قريتهلهم وفهمتهم معناه وشوية وجه علي عزت ووراهم التيشيرت اللي جايب منه كذا لون ومكتوب عليه بالعبري حاجة تعاطفية مع إسرائيل. وقالهم زي ما يوسف بيلبس أنا مسلم وافتخر أنا كمان بالبس حاجات تعاطفية مع إسرائيل سيبتهم يزيطوا مع بعض ومشيت. سمعنا بعدها إن علي كان ماشي في الشارع مرة بالتيشيرت دا وحد أداله بونية في صدره بسبب التيشيرت، رد فعل مش متحضر بس التيشيرت فعلا مستفز لناس كتير وإن كان دا لا يبرر للبونية اللي اترزعها. والمنتدى وكان فيه ضيوف بجانب أستاذتنا، المتندى كان يرأسه بروفيسور لين سويدلر رئيس معهد الحوار، ومعاه على المنصة واحد يهودي - جوز جوليت - وحد مسيحي وواحدة مسلمة وواحدة بهائية على ما أتذكر، وكل واحد فيهم اتكلم عن تجاربه الدينية في العمل من ناحية السماح بالراحة والصلاة وأجازة يوم السبت لليهود المتدنين اللي مش بيشتغلوا يوم السبت، واتكلموا عن قصص كتير ومواقف حصلتلهم عن التسامح الديني والتعايش في الشغل، وإن بعض الزملاء عملوا حفلة للاحتفال بعيد ديني لزميل ليهم، وهكذا دواليك.
وبعد كدا قسمنا مجموعات وكل مجموعة أخدت مجموعة مواقف لو حصلت في العمل هتعملوا معاها ايه، يعني فاكر منها: لو موظف جالك وقالك إنه عاوز يتكلم عن دينه في وقت الاستراحة تعمل ايه؟ توافق ولا ترفض ولا أساس ايه؟ وأنا فاكر إني قولت إنه مش عيب وحاجة كويسة إن الموظفين يعرفوا أديان بعض عشان يحترموا الأديان والشعائر والأعياد وإلخ، بالإضافة إني مش هسيبه يعمل كدا لوحده ولا يبشر بدينه، أنا هاخلي كل واحد يقول كدا، واللي حابب يسمع يسمع واللي مش حابب دا وقت راحة براحته، كان خلاف بيني وبين آياز في النقطة دي. ومواقف تانية زي لو واحدة ممرضة شغالة مع دكتور في يوم زحمة بتقول إن دا عيد ليها في دين مش معروف ومش عالمي، والدكتور مكانش يعرف، وفي الآخر جمعنا إجابتنا واتطلب من كل مجموعة تطلع واحد يتكلم عن موقف من المواقف دي وطريقة التعامل معاها، كانت حاجة نقاشية لذيذة ومثمرة ومعبرة عن آراء مختلفة.
خلصنا وكان عندنا إفطار جماعي اللي ذكرته بالفعل في الحلقة اللي فاتت مع تغيير ترتيب الأحداث، كان فطار رائع ودا اليوم اللي أذنت فيه المغرب، مع كذا يوم كمان. حاجة أخيرة أحكيها، بعد التعب اللي جالي في أول الرحلة خالص، ودني بدأت تصفر وتتسد وتفتح وأحوالها تتغير على مدار أول أسبوعين، وفي الآخر الموضوع أصبح لا يطاق واتسدت خالص مكنتش باسمع بيها، وديني اليمين، ولأننا متأمن علينا تأمين صحي غالي - 15 ألف دولار - كنت طلبت من جايكوب وهنا والدكاترة كذا مرة يشوفوا ايه اللي ينفع يتعمل، وبالفعل في يوم حجزولي معاد في مركز طبي تبع الجامعة، ورحت مع جايكوب وأخدت معايا كارت التأمين الصحي بتاعي، وجايكوب وصلني وقولتله روح أنت، وبعدين دخلت قاسوا طولي ووزني "بالقدم والباوند" مش فاكر كان ما يوازي كام، وبعدين دخلت على الدكتور، قمة الاحترام. وبعدين قولتله ايه اللي عندي بالظبط الودن مسدودة مش باسمع بيها، سألني في الأول إذا كنت بادخن وبعض حاجات تانية، وحكيتله شوية لما سألني أنا منين وباعمل ايه، وقالي موضوع مشوق ومثير جدًا بالنسباله، وفي الآخر قالي طيب نكشف على الودن السليمة، وبعدين كشف على المسدودة، قالي مسدودة بشمع عادي. باغسلها بحاجة معينة، ممكن تحس بأي دوخة أو حاجة تقولي علطول، وكل ما يعمل أو يقدم على عمل حاجة لازم يسألني ولازم أوافق، عشان يكمل، وبالفعل غسلها، وقالي أقدر أساعدك بحاجة تاني النهاردة؟ قولتله شكرًا، قالي الخدمة دي من غير تكاليف وتقدر تروح علطول ونورتنا. يا جدع أنا كنت هعيط من الاحترام والمعاملة، بتعاملونا كدا ليه، مش متعودين على كدا يا أخواننا.
المرة الجاية فعلًا، فعلًا هحكيلكم يوم العيد لأنه كان يوم مثير ومهم جدًا، وليلة العيد اللي حكيتها المرة اللي فاتت، هي الترتيب الصحيح للأحداث، قالولنا ليلتها إن تاني يوم عندنا جلسة نقاشية ومحاضرة ما "معروفة لينا" وهيا اختيارية بسبب الأحداث والظروف والعيد، مش هاقول ايه هيا المرادي لكن المرة الجاية، وهاقول اللي حصل في اليوم بالظبط، وكان من أجمل الأعياد وأمتعها.
_________
ألبوم الصور
المرة الجاية فعلًا، فعلًا هحكيلكم يوم العيد لأنه كان يوم مثير ومهم جدًا، وليلة العيد اللي حكيتها المرة اللي فاتت، هي الترتيب الصحيح للأحداث، قالولنا ليلتها إن تاني يوم عندنا جلسة نقاشية ومحاضرة ما "معروفة لينا" وهيا اختيارية بسبب الأحداث والظروف والعيد، مش هاقول ايه هيا المرادي لكن المرة الجاية، وهاقول اللي حصل في اليوم بالظبط، وكان من أجمل الأعياد وأمتعها.
_________
ألبوم الصور