Wednesday, September 24, 2014

الشال الفلسطيني

من باب اللضم بالحلقة اللي فاتت، بعد عرضنا عن مصر، كالعادة د.جوليت جت قالتلي كنت رائع وكلكوا كنتوا ممتازين، قالتلي بس أنا معترضة إنك بتقول إن التحرش الواقع للأولاد مفيش مقارنة بينه وبين البنات وإنه أقل وطأة، هو هو التحرش نفس الجريمة المرضية الحقيرة، قولتلها حضرتك أنا أقصد في الأقوال والأفعال لا توجد مقارنة، وبالتالي الضرر الواقع على الولد مفيهوش مقارنة أيضًا، قالتلي أنا رحت مصر وشوفت فعلًا الظاهرة دي. نورتي مآسر.

الساعة 9 الصبح كان عندنا جلسة لإعطاء انطباعنا ورأينا عن ما تعلمناه وأفدناه من البرنامج، لأن البرنامج الأكاديمي قد انتصف، بالفعل فات إسبوعين على حضورنا لأمريكا وفاضل 3 أسابيع. اسبوعين في البرنامج الأكاديمي، والأُسبوع الأخير خليه مفاجأة. كان اللي ماسكين الجلسة دي صالح آبي وزينب أبلة، بصراحة كان عنوان الجلسة مش عاطفي: "ماذا تعلمت وكيف أطبقه في حياتي"، وكان جايكوب وهنا موجودين لمساعدة صالح آبي وزينب أبلة. مش عاجبني العنوان أوي لأن تقريبًا اللي تعلمته قد يكون صعب الوصف، حاجة لا توصف أوي. فاكر إننا قعدنا في مجموعات صغيرة، وكل واحد اتكلم عن ايه الحاجات اللي اتعلمها باختصار وازاي مفروض هيطبق منها في حياته، وأنا مختلف مع المبدأ دا، لأن الفكرة اللي بتقول إن كل إفادة لازم ينطبق عليها عمل ملموس مش مظبوطة، عادي ممكن أطبق حاجة أو أفديها بسلوك أطبقه في نفسي، أو بمجرد فهم صحيح لموضوع ما أو عن فئة أو طائفة ما من الناس. المهم مكدبش عليكم أنا مش فاكر نص كلامي، أنا قولت أيّ كلام عام وعلشان كدا مش فاكر، اللي متابع المدونة من الأول يقدر يستخلص إني استفدت كتير في حاجات كتير جدًا ولله الحمد، وافتكر إني مقولتش حاجة أطبق بيها دا في حياتي تطبيق عملي. وبعد المجموعات الصغيرة كلمتين اتقالوا موجهين للناس كلها واللي حب يعلق علقّ، وكان لازم نتحرك بسرعة فكروتنا علشان عندنا محاضرة.

مقدمة في اليهودية تحاضرنا فيها د.جوليت، كان فيه حاخام جه حضر معانا، ود.رايسيل موجودة، وجه واحد من وزارة الخارجية الأمريكية وهو المسؤول عن منحتنا مسؤولية مباشرة، هو اللي اسمه مكتوب في ورق قبول كل مننا في البرنامج، وماضي بخط ايده على كل طالب في البرنامج، كان معدي على فلادلفيا فجه يشوفنا ويسلم علينا ويحضر معانا، اسمه خوزيه، أصله أسباني، وبيتكلم أربع لغات، وراجل جامد جدًا.

بدأت د.جوليت بالتقديم لليهودية ونشأتها على أنها أول دين سماوي، وزعت علينا ورقتين فيهم اختصار للعرض، أول قسم كان عن الاعتقاد، وبدايتها إن اليهودية من الملل الإبراهيمية القائمة على عقيدة التوحيد بالإيمان بإله واحد. كلمة الله تكتب ناقصة الحرف في النص لأنها كلمة مقدسة مينفعش تكتب في ورق قد يهان، فبيكتبوها كدا G-d. عنصر العقيدة الثاني أن الله عادل ورحيم، والعنصر الثالث أن الإنسان مخلوق في هيئة إلاهية مقدسة، وأن كل بشر سواء كان يهوديًا أو غير يهودي هو مخلوق على هيئة الإله. الإنسان مخلوق مقدسه وحياة البشر مقدسة. الإله يعد بالبركات لمن يتبع الوصايا ويعاقب من يخالفها. الإيمان بالوصايا العشر الموجودين في التوراة، وبعدين بدأت في إدراج الوصايا العشر، أن الله يقول "أنا الإله "يهوه" لا شريك لي، لا تشركوا آلهة معي، لا تأخذوا اسم "يهوه" هباءً، تذكروا يوم السبت "الشابات" وأبقوه يومًا مقدسًا "لأن الرب ارتاح فيه" - حاشاه -، بروا آبائكم وأمهاتكم، لا تقتلوا ولا تزنوا ولا تسرقوا ولا تشهدوا زورًا ولا تغتصبوا ممتلكات جيرانكم.

على اليهود المحاولة قدر الاستطاعة على الالتزام بالأوامر الـ613 الموجودة في "التناخ" و"التلمود. حب الإله هو لُبُ الأوامر، على اليهود إخراج صدقة "تزداكة". اليهود شعب الله المختار مرتبطين بقصص وشعائر ومبادئ واحدة، وعليهم إصلاح العالم. شرحت إنها هنا بتقول إن دا مش تمييز ولا تفضيل لليهود على البشر، إنما هي مسؤولية عليهم فقط لا تعني أنهم أفضل من البشر بل هم مكرمون ومهمتهم إصلاح الأرض. وإنهم المختارون بسبب إنهم أمروا بنشر التوحيد في الأرض. البشر لهم حرية الاختيار، وعليهم تحمل نتائج اختياراتهم. اليهود لا يصلون لأي صور. وأهمية الفعل، بين الإنسان والإله، وبين الإنسان والإنسان.

الموضوع الثاني كان الكتاب، فطبعًا اليهود لا يؤمنون بما يقال عنه في المسيحية "العهد الجديد" لأنه لو هم اعترفوا عقديًا بأن عهدهم يدعى "قديم"، والآخر "جديد" فمعناه كدا إن فيه وحي تاني وإضافات تاني بعد اليهودية، ودا مش مظبوط بالنسبالهم، لذا هما يسموه "Hebrew bible"، أو ما قد نطلق عليه "التوراة" غير إنها بالنسبة لنا نحن المسلمين التوراة المحرفة، ودي مكونة لديهم من كتب موسى الخمسة، ومع كتب موسى التلمود وهو آراء الأحبار والمجموعة في القرع الثاني بعد الميلاد المكون من "مشناه" الجزء الأول الشفوي، والجزء التاني الشفوي كتب في القرن الخامس بعد الميلاد وهو التلمود.

وبعدين اتكلمت عن قيم عامة، كالتعليم، فتعليم التوراة واجبة وبداية من الطفولة للأطفال، الزكاة واحترام الإنسانية واحترام الأبوين، وأهمية الأسرة والعائلة الكبيرة في الملة اليهودية. اتكلمت عن مفهوم المسيح في اليهودية وأنه شخص أو وقت سيأتي عندما يتحد العالم وينتشر فيه السلام. واتكلمت عن الإيمان بأنبياء بني إسرائي، وعن الوحي، وعن الآخرة، وجدير بالذكر إنه كان مكتوب وهيا قالت: اليهودية تولي الاهتمام الأكبر للدنيا والحياة بصلاح وتدين، وأن الآخرة غير مركز عليها ولا مذكورة بالتفصيل في التوراة.

بعد كدا دخلت عن الكلام عن أرض بني إسرائيل وإنها هبة من الله لليهود، وإنها تاريخيًا وطبيعيًا تمثل بيت اليهود ومكانهم في الأرض، وإنها لمدة 3500 سنة كانت مسكونة باليهود، وأخيرًا إن دولة إسرائيل الحديثة مدعومة من معظم اليهود حول العالم.

اتكلمت عن الأعياد والحج، عيد في رأس السنة وأهمية يوم السبت تاني، وحج لجبل سيناء في مصر، خلصت وفتحت باب الأسئلة، كان فيه أسئلة كتيرة عن إسرائيل وقيام دولة الكيان الصهيوني، واتكلمت هيا عن حرب فلسطين و48، أنا فاكر إني سألتها: هل احتلال إسرائيل لسيناء كان بوازع ديني برده؟ قالتلي لأ سيناء كانت أرض مكتسبة بالحرب مش أكتر.

بدأ كذا حد يتكلم عن إسرائيل وقيامها وشوية مناوشات، د.راسيل قامت واتكلمت بحرقة وعصبية عن الهولوكوس وإزاي إن اليهود حتى قبل الهولوكوست كانوا بيعاملوا بعنصرية في كل العصور على مر تاريخ الإنسانية وذكرت إن دا كمان حتى تحت الخلافة والحكم الإسلامي. وإن اليهود كدا عمرهم ما عاشوا في أمان على نفسهم وحياتهم، وكان لازملهم أرض تأويهم وتحميهم من اضهاد الكون ليهم.

زينب أبلة سألت سؤال عن الدار الآخرة وإن ازاي ملهاش تفصيل في الملة، ردت إن هو دا الإيمان بالتركيز على الدنيا والتقوى في الدنيا وبس، زينب أبلة بعد المحاضرة بتقولي وبنتناقش طيب هو ازاي أصلًا كدا، دا أهم مميزات الملل في حياة الناس إنها تمدهم بالغيبيات التي لا سبيل لها إلا بالإيمان بمقدس أو بمصدر يخبر بهذه الغيبيات والناس تسلّم، وإنها بتخبر الإنسان بمصيره وأحواله بعد الموت، فلو الملة مجاوبتش على السؤال دا يبقى مشكلة كبيرة وخطيرة. يعني ايه مش عارفين ايه تفاصيل ما بعد الحياة ومش موجودة؟

خفت المناوشات عن إسرائيل، وبعدين طلع كذا سؤال واستفهام عن راحة اليهود يوم السبت وايه اللي يعملوه وايه ميعملهوش، طبعًا الملتزمين بس هما اللي بيريحوا اليوم دا، يقعدوا في البيت، ممنوع يسوقوا عربيات أو يستخدموا تكنولوجيا، إلا لضرورة أو حالة طارئة عادي يتحركوا. وسؤال عن أكل "الكوشر" وايه ماهيته، الموضوع معقد لدرجة إني مش قادر أجمعه في دماغي، تقريبًا ممنوع الجمع بين حاجة والناتج بتاعها، يعني "على ما أظن مش متأكد" مينفعش الجمع بين أكل الفراخ واللبن أو الجبنة. ولا اللحوم والألبان برده، وكان فيه حاجة ليها علاقة بالبقوليات كمان. 




صلاة الجمعة أزفت، رجعنا المبنى بسرعة نغير ونجهز، وحطيت أنا ومحمود عود، كذا حد سألني لما شمه دا مين حاطط الريحة وايه دا؟ ومنهم د.جوليت وحتى كان سؤالها الاسبوع اللي قبليه تقريبًا، قولتلهم دا اسمه "عود" ودا مسك ينصع من "دم الغزال".

ييني "ميلاني" قالتلنا هوديكوا مسجد قريب اسمه "مكّة"، هنروحه مشي، كنت خلاص تابعت فاعليات المظاهرات في فلادلفيا وصفحها على الفيس بوك، وكان صاحبي مايكل اللي استقبلني أول ما وصلت أمريكا متفق معايا هو يجيلي بعد الصلاة ونروح المظاهرة مع بعض، نزلنا ووصلنا قدام المسجد كان لسه فاضل نص ساعة على الصلاة، قررت أروح البيت آخد الكاميرا وفلوس وعملات المترو وألبس الشال الفلسطيني بتاعي، علشان اتحرك على وسط البلد بعد الصلاة علطول.

إسراء كمان كانت عاوزة ترجع، فرجعت معايا المبنى واتفقنا نرجع المسجد مع بعض لأنها مش عارفة الطريق أوي، إسرا - زي ما باندهها دايما - أصغر واحدة في البرنامج سنًا، في أول سنة جامعة، ودا في وجهة نظري واحد في آخر سنة جامعة زيي وفشل إنه يطلع الرحلة دي قبل كدا إنها تعتبر أفضلنا إنها عرفت تقتنص الفرصة دي وهي لسه في أول سنة، وعلشان هي صغيرة وعلشان انتشر بينا مسميات زي صالح آبي، اتعودت هي تقولي "أبيه" بالمصري، إسرا من أندر البنات في الكرة الأرضية اللي بيحبوا الكورة وبيتابعوها بل وهي بتلعب في فريق كورة كمان، بتحب حاجات ولعب الأولاد جدًا، حتى بتحب تشتري لبس وكوتشيات أولادي! يعني باختصار كنا بنعتبر إسرا أخونا الصغير في المنحة دي. وطول الطريق رايح جاي كنت بسألها عن تقديمها للمنحة وامتحان الإنجليزي والمقابلة، وسألتها علشان أعرف عن أحوال العراق وأحوال الشيعة فيها، وحكيتلي حاجات كتير من أولها اضطهاد صدام حسين لهم. والعجيب في حياة إسرا وحاجة محزنة فعلًا، إنها بتقول إنها عاشت حياتها كلها في مطارادات ومشاكل وحروب، فاتولدت تحت ظل صدام حسين اللي كان بيبطش بالشيعة دون تفريق، وبعدين حضرت الغزو الأمريكي، وبعدين بشوية سافرت سوريا وهوبا اندلعت الثورة السورية، رجعوا العراق تاني، جاتلهم داعش لحد عندهم. الحقيقة بالرغم من تعاطفي الإنساني الشديد مع إسرا، إلا إني لم آلو جهدًا في التريقة على لكنتها العراقية، لكنة عجيبة وغريبة، هادا ماكو عربي. ولعلمكم بس كلمة "عوف" بالعراقي يعني سيب أو اترك. مش هنسى أبدًا إن قريب من المسجد فيه ساحة ملاعب سلة ومساحة ألعاب، وفيه جرافيتي وحش جدًا لراجل أصلع، شبه السيسي بالملي، بس للأسف انشغلت عن تصويره.

دخلنا المسجد، والحمد لله أخيرًا خطبة بالإنجليزي يتخللها بعض الترجمة بالعربي، والشيخ والله أعلم برده شكله مصري، المسجد يبدو أن القائمين عليه مسلمين سمر، معظم المصليين من المسلمين الأمريكان السمر، مع التشديد طبعًا إن دا يمكن يكون بطبيعة المكان اللي حوالين المسجد، يعني في الإسلام المساجد للمسلمين كلهم، مش زي ما ذكرنا سابقًا إن في أمريكا كان فيه كنايس كنيسة لكل أهل بلد، دا غير الطوائف المسيحية التي بنيت على أساس عرقي في الأصل، ولسه موجودة حتى الآن. المسجد فيه مكتبة إسلامية جميلة، كتب رائعة، وسبح وسواكات وطواقي، والناس وجوهها بشوشة، لكن بصراحة الخطبة مكانتش يعني مميزة، أظن محمود كان قاعد جنبي وساندين على الحيطة وهو غفّل شوية. 




المساجد دايمًا فيها روح جميلة، روح للإيخاء والتعبد سويًا، سلمنا وتبادلنا الدعاء "تقبل الله" مع ناس كتير، اتجمعنا قدام المسجد، صالح آبي وزينب أبلة لازم يمشوا علشان عندهم اجتماع هيئة التدريس، وأنا قولتلهم أنا يادوب ألحق مايكل ومظاهرة النهاردة في وسط البلد لأني اتأخرت عليك، محمد قالي هاجي معاك، دا أنا حتى لسه فاكر إنه أخد مني عملة المترو، بس الحقيقة ردهالي كذا مرة وعزم مايكل كمان.

قابلنا مايكل في وسط البلد، واتحركنا للمظاهرة، اتصلت بينا زميلة كانت أمريكية كانت معايا في برنامج التبادل الثقافي واللغوي من امديسيت، وكانت في المظاهرة، لما وصلنا سلمنا عليها ومشيت علطول لأن كان وراها شغل، المظاهرة كانت أكبر من الاسبوع اللي فات وكانت جميلة ورائعة جدًا، أخدت صور كتير وفيديو حلو. مايكل مكانش بيهتف ولا أي حاجة، فسألته ايه النظام؟ قالي أنا جاي أتفرج بس واستطلع، قولتله طيب براحتك، شوية وقالي انا هاروح اقف في الجانب اللي فيه شوية داعمين للكيان الصهيوني، قولتلك براحتك، راح خمس دقايق ولقيته بيتكلم مع واحد فيهم، شوية ورجعلي، قالي، بسأله أنت واقف هنا ليه وكدا: قالوا بلدي وكدا ولازم أدعمها، قالوا طيب وقصف غزة وتقتيل أهلها وأطفالها، قالوا أنا عارف إن كل دا غلط بس أنا لازم أدعم بلدي، وهنا تبينت أن هناك عبيدًا في كل أنحاء العالم، يدعمون الباطل وهم يعرفون أنه الباطل، أي والله!
الجميل إن في وسط المظاهرة لمحت أ.مروان اللي كان كلمنا في مركز الأقصى الإسلامي، قولت لمحمد ورحنا سلمنا عليه ووقفنا اتكلمنا معاه شوية، وفكرناه بنفسنا، اتكلم معانا وحكى معانا عن أحوال مصر وإنه كان بينزلها كتير كل سنة وبيدعى لإلقاء محاضرات في الجامعة الأمريكية في التحرير، وبعدين في التجمع، وأنه بيحب مبنى التحرير أكتر من التجمع الخامس، وأنا كمان بالمناسبة، راجل ودود جدًا، سلمنا عليه واستأذنا.





كان لازم نمشي أنا ومحمد علشان معاد التحرك للمعبد اليهودي قرب، كدا مقعدتش مع مايكل كتير، قولتله استنى استأذن من أساتذي في البرنامج إنك تيجي معايا، اتصلت بـ د.ريبكا مش بترد، جولي مش بترد، اتصلت بجايكوب مش بيرد، اتصلت بهنا ردت عليا، قولتلها الموضوع كذا وكذا ممكن صاحبي يجي معايا؟ قالتلي اتصل بحد من الكبار، قولتلها مش بيردوا، قالتلي هحاول أوصلهم وأرجعلك، المهم قررنا مايكل يجي معانا لغاية السكن وهناك نشوف، جه معانا بالفعل، وعرفته على الطلاب اللي مشافهمش يوم ما جه يستقبلني في المطار، وعرفته على هنا، سألته انتوا تعرفوا بعض منين قالها من امديسيت مصر، قالتله أنا كمان درست في أمديسيت الأردن وأصحابي درسوا في مصر، تعرف فلانة الفلانية، آه أعرفها، دي كانت زميلتي في نفس الأوضة في المدينة الجامعية، وطلعوا معارف وكدا. طيب حلو، وبعدين؟ لسه محدش من الدكاترة الكبار ردوا علينا وخلاص هنشمي، شكرت هنا إنها حاولت على قد ما قدرت، واعتذرت لمايكل وسلمت عليه وخلاص هو هيمشي وأنا هاركب الأتوبيس، جت ميلاني وقالتلي لا أنا مش هاجي معاكوا وهاخد مايكل لمعهد الحوار واستأذنله من د.جولي، شكرتها جدًا، وقولتها يا ييني أنا مدين ليكي بخدمة، قالتلي كدا بقيوا اتنين على حاجة قبل كدا، قولتلها لأ واحدة والسلام. في الطريق للمعبد قولت لجايكوب إننا رحنا المظاهرة النهاردة، قالي ايه؟ ازاي متقوليش أنا كنت عاوز أجي، قولتله معلش والله افتكرتك مشغول، قولتله عارف قابلنا مين؟، مين؟، قولتله أ.مروان اللي كان في مركز الأقصى، قالنا أنت بتستعبط وبتهزر، بعد كدا متروحش من غيري، قولتله ماشي يا جايكوب متزعلش، راح ضاحك وقالي خلاص إشطة يا صديقي.

المعبد كان بعيد عن فلادلفيا بشوية، يعني حوالي ساعة إلا ربع بالأتوبيس، في حتة كأنه حيّ مخصص ليه لوحده، كله زرع وخضرة، والمكان يعني شبه مقطوع، المبنى شكله فخم جدًا، ونجم داود معمولة بشكل هندس في أعلى نقطة في وش المبنى ورا زجاج في النص. دخلنا وكالعادة عارفين إن الرجال والستات المتزوجات لازم يحطوا حاجة على شعورهم، وهنا أنا كنت عامل حسابي وجايب الشال الفلسطيني وخليت مارك على ما أتذكر يربطهولي على دماغي قبل أول ما دخلنا، وكان فيه شوية نظرات مريبة من الناس.

الصدق والله إني ملبستش الشال الفلسطيني على راسي علشان استفز حد، لبسته رمزيًا لنفسي وإن دا يرمز لإيماني بالقضية الفلسطينية، قضية إسلامية عربية من الطراز الأول، كنت سعيد جدًا بالشال على دماغي، وكان دا مكسب كبير ليا، وهاقول دا في وسط الأحداث، مع الشال كنت لابس شنطتي وعليها دبوس رابعة كمان. أول ما وصلنا كانت صلاة العصر وجبت، استأذنا في مكان نصلي فيه، والحاخام دايفيد أخدنا لأوضة أنشطة بيعلموا فيها الأطفال، والمفاجأة إن كان عنده مصلية على ما أذكر، صلينا ونزلنا الدور الأول تاني.

المعبد دا يهودي ليبرالي، ودا يختلف عن اليهودية الأرثوذكسية، الليبرالية اليهودية بيصلوا بغناء وموسيقى، أدوات موسيقية كتير جدًا، دخلنا في الأول قاعة في الدور الأول زي قاعة أفراح، ترابيزات، وبيعملوا فيها الأكل، وأيام السبت وكدا، ولأن اليوم كان الجمعة فبداية الليلة هو بداية السبت "الشابات"، وبيجتمعوا كل شابات علشان ياكلوا مع بعض. كان في شوية مقبلات، بس مش دا الغدا ولا الأكل، والمغرب كان لسه مأذنش فظللنا الصائمين بنتكلم ونتعرف على الناس بس، وواحدة ست كبيرة جت قدمتلي عصير، فشكرتها وأخدت الكوباية منها ورجعت رجعتها على البوفيه تاني. واحنا داخلين من باب المعبد د.جوليت قالتلي عاوزاك في كلمتين، فافتكرت إنها لما كنا في بيت باربرا قالتلي أنا سمعت إنك عملت جروب على الفيس بوك وضفت فيه كل الطلاب، قولتلها بهزار آه بس مش باضيف فيه دكاترة، قالتلي خلاص طالما مش بتضيف فيه دكاترة مش مشكلة، قولتلها أنا باهزر وخلاص هابقى أضيفك. المهم افتكرت إنها كانت عاوزة تقولي مضفتنيش ليه لغاية دلوقتي، فبادرت وقولتلها معرفتش أضيفك لأنك مش عندي، فهشوف حد أنتي ضايفاه أخليه يضيفك للجروب، قالتلي لا مش مشكلة مش عاوزة أكلمك في كدا، كنت بس عاوزة أقولك إني عارفة إنك بتهزر لما بتقول إنك إرهابي بس فيه ناس ممكن تفهم الموضوع غلط وكدا فخلي بالك، قولتلها طيب حاضر ماشي، وخاصة إن كتير جدًا من اليهود المتواجدين النهاردة كانوا حاضرين في بيت باربرا. هي المعلومة اللي قالتها صح، إن فيه أماكن في أمريكا والغرب عموما لو قولت فيها الكلمة دي ولو بهزار ممكن تروح في داهية زي المطارات وغيرها، وأظنني قولتها في موقف فكاهي وكان واضح جدًا للجميع، إنما قررت أكون متحفظ أكتر برده علشان محدش يمسك عليا حاجة غلط. وخذ النصيحة من جوليت حتى وإن لم تكن أستاذتك المفضلة، وإن كنت بتعاديها في الفكر.

طلعنا مكان التعبد، ممنوع التصوير وممنوع الفيديو، ود.جوليت قالتلنا أكتر من خمس مرات إنهم هيخصصوا وقت لينا علشان التصوير، غير كدا محدش يصور، اسمحولي اتكلم عن د.جوليت شوية، بالإضافة إنها دكتورة جامعية، فهي مغنية في فرق المعابد اليهودية، صوتها رهيب، وشكلها بنت ناس مأصلين وأغنيا جدًا، لبسها شيك بطريقة مش طبيعية، وحتى النضارات النظر اللي بتلبسها بتلفت نظر كل اللي بيشوفوها، بتغير النضارات مع الأطقم، وبتلبس نضارات فخمة وشيك لدرجة مستفزة، لدرجة إن معظمنا كلمها وسألها على الموضوع دا، وقالتلنا إن عندها مجموعة نضارات كبيرة، وإن واحدة صاحبتها مش عارف منين بتبعتلها النضارات دي. متريشة على الآخر. يلا اللهم لا حسد.

كمان الحاخام دايفيد صوتي جهوري ومميز جدًا، راجل طويل بعرض مفتول العضلات مشرأب الشتلات شلولخ، وبدأ يتكلم عن اليهودية، وقال هاتكلم عن المعبد بشكل أكتر لأنه حضر معانا المقدمة عن اليهودية لجوليت، واتكلم عن عدد الأسر اليهودية المشتركة في المعبد، وإن الاشتراك في المعبد بيكلف حوالي ألفين دولار سنويًا للأسرة الواحدة، وإنهم أحيانًا طبعا بينظروا لحالات الفقراء وغير القادرين على الدفع، بس أقدر أقولكم إن معظم اللي في المعبد إذا مكانوش كلهم كانوا مقتدرين، وكمان ملاحظة مهمة موجودة في كل المعابد اليهودية اللي دخلناها وهو علم إسرائيل موجود دايمًا باستمرار في صحن مكان التعبدّ، حد سأله على إسرائيل قال إنها مدعومة من معظم اليهود وأنها بلده وبيحبها، وإن كان ممكن يختلف مع بعض تصرفات "الحكومة" الإسرائيلية.

وبعد كدا عرفنا على الشعائر اللي بيعملوها والأدوات اللي بيستخدموها، والتوراة والتراتيل اللي بيقرأوا ويغنوا منها، ولفافات التوراة الملفوفة في معادن مذهبة أو فضية ومكتوبة مثلًا على جلود غزلان أو جلود حيوانات تانية، وفاكر إن كان فيه نسخة من دول من مصر، وشوية أدوات تانية كتير. قالنا هنوزعكوا تقعدوا جنب عائلات يهودية أثناء الصلاة علشان يفهموكوا كل حاجة بتحصل، بعد كدا أدونا فترة ربع ساعة نصور براحتنا، وقبل الفترة دي وفي الأسئلة كان مايكل وصل ما د.جولي، شكرتها جدًا، وقالتلي أنا اتبسطت إني اتعرفت على صاحبك مايكل، وهنا قالتلي أصلي كنت هسألك إنت عرفته منين لغاية ما عرفتني عليه وطلع صاحبك من مصر واديسيت كمان، خفت لتكون واحد قابلته في الشارع وقررت كدا تجيبه، قولتلها متخافيش يا هنا هانم أنا عمري ما هعمل كدا. قعدت جنب راجل قعد يشرحلي طول العبادة هو وزوجته وأنا أبدي اهتمام بالكلام اللي بيقولوه، كانوا بيغنوا وواحد بيعزف على عود، وأحيانا المصلين يقفوا ويرددوا وراه، وأحيانا كانوا بيحيوا بعض كل واحد يحي اللي جنبه ويقوله شبات شالوم، وأنا لا كنت باحيي ولا كنت بمارس أي شعيرة، أنا جاي اتفرج وأشوف بيعملوا ايه.




كانوا مظبطين يخلصوا قبل وقت المغرب علشان احنا نفطر في معادنا، نزلنا تحت وكان الأكل محطوط، وعلى الفطار جابولنا نفطر على "تمر"، والحاخام دايفد قعد يقول كلمات متشابهة بين العربية والعبرية، زي سلام عليكم "شالوم اليكم" وعكسهما. قال كله يقعد يفطر وياكل ويتكلم ويختلط بالناس، وعلشان كدا عاوزين كل طالب أو اتنين قاعدين مع ترابيزة مع أسرة يهودية، ماشي يا سيدي، لاحظت إن أكتر مكان عبادة تم الاهتمام بينا بالشكل دا كان هنا، لاحظت إنهم حرصوا على إننا نقعد مع أسر يهودية سواء أثناء عبادتهم أو أثناء الأكل، وأول مكان عبادة نفطر وناكل فيه، وأكل وشرب وفواكه وحاجات ساقعة ونغنغة. ايوا هو كان كله سمك وكله ينطبق عليه "الكوشر"، وكان فيه حاجات غريبة مرضتش أكلها، وكان فيه طعمية غريبة كدا، بس كان تظبيط على الآخر بردك. في لحظة وأنا بعاملهم كويس وعارف إنهم صهيانة حسيت هو أنا كدا منافق؟ وواضح إنهم بينوا لينا من خلال المحاضرة التعريفية وكمان في المعبد إن اليهودية والصهيونية متلازمان، وأنا طول عمري متعود أفرق بينهم وإنهم مش واحد.

أحسن حاجة حصلتلي اليوم دا، كان إن معظم الناس جت اتكلمت معايا وحبت تتعرف عليا لسببين، بسبب الشال الفلسطيني على راسي، وأنت منين وبتدرس ايه، وبسبب علامة رابعة، ولأن محدش فيهم رضي يسألني على أنا لابس الشال ليه على راسي، فسألوني على دبوس رابعة، قولتلهم على الانقلاب وإن دي علامة تشير لميدان تم فضه وقتل وحرق المئات فيه في يوم واحد، والعلامة دي إنسانية وضد حكم العسكر، كلهم بلا استثناء تعاطفوا جدًا، وقالولي احنا بندعمك وبشجعك، وجالي تعليق سخيف مع إنها كنت ست متعاطفة ومعاها امرأة عندها فوق الميت سنة كانت هتعيط متأثرة من كلامي عن حكم العسكر وعن الاعتقالات والقتل والتعذيب والاغتصاب، المرافقة ليها قالتلي: بس مصر بقيت أحسن ومبسوطة إنها مبتدعمش حماس زي زمان، محبتش أبوخ اليوم، قولتلها: متقلقيش، مصر أصلًا مش عارفة تساعد نفسها علشان تساعد غيرها.

رحت للحاخام ديفيد وسلمت عليه وشكرته على الاستضافة، وقولتله عندي سؤال، قال اتفضل، قولتله في وسط كلامك قولت إنك بتختلف مع حكومة إسرائيل في حاجات، زي ايه؟ قالي أنا ضد الاحتلال، وضد القصف، ومؤمن إن الفلسطينين ليهم حق يقيموا دولة. دا اللي هو كدا صهيوني متفتح مؤمن بحل الدولتين، لا والله!

عاوز أقولكم إني لاحظت إن أغلب الصهاينة بيحاولوا جاهدين يتعلموا عربي وفي منهم كمان لبلب في العربي، محمد شاورلي على واحد كبير في السن وخلاني أسلم عليه، أصله عربي تقريبًا، على ما أذكر ليبي، وشارك في حرب 48 في الجيش الإسرائيلي وكان طيار، على وشه غضب ربنا، وأنا اشمئزيت جدًا. حاجة تقفل النفس.

اليوم خلص، وخلاص سلمنا على الناس وبدأنا نمشي، كنت فرحان جدًا بالانطباع اللي سبته عن الانقلاب حتى مع ناس أنا ضدهم تماما زي الانقلاب، وفرحان إن الشال والدبوس خلى عندهم حب استطلاع رهيب لدرجة إن الأغلبية منهم جم كلموني أنا مخصوص دونًا عن بقيت الطلاب. الشال دا لبسته يوم التقديم لنفسنا قدام الأسر المضيفة، وفي المظاهرة والمعبد اليهودي، ولما كنت في بيت د.باربرا، جايكوب جاه وقالي دا شيك وحلو جدًا، قولتله هاديهولك يا جايكوب قبل ما أمشي.

ركبنا الباص ومايكل جه معانا، قعدنا نضحك ونهزر، ولقيت جايكوب بعد ما كان معانا وعادي، اتسرسب كدا وأخد جنب وقعد مسهم، رحت قعدت جنبه، مالك يا جاي؟ قالي يوسف عاوز اسألك أنت كنت مبسوط النهاردة، وللأسباب للي ذكرتها من شوية قولتله آه اليوم كان لذيذ، قالي أنا أقصد على التعريف باليهودية وعلى المعبد، أنا حاسس إنهم عاوزين يوروكوا صورة أحادية واحدة بس عن اليهودية، ويقنعوكوا إن هوا اختيار من اتنين ملهمش تالت: يا تكون معادي للسامية "اليهودية"، يا تكون مع قيام إسرائيل، وإن كدا لو أنت معادي للصهيونية يبقى بالتالي معادي لليهودية ودي الرسالة اللي أصروا يوصلوها النهاردة، وأنا مش مؤمن بالكلام دا، أنا عندي إحصائيات وأدلة تثبت إن 80% من الشباب الأمريكان اليهودي معندوش تعلق عاطفي بإسرائيل "لا بالسلب ولا بالإيجاب"، وإن 80% من اليهود في إسرائيل علمانيين، فأصلًا الاستيطان بالنسبالهم مش مبنى على عقيدية دينية يهودية بل مبنى على فكرة الصهيونية، قولتله تصدق يا جايكوب أنا للحظة فكرت إني كدا منافق وأنا في المعبد، قالي لا يا صديقي، وكلام جايكوب شرح صدري وأعاد ليا ثقتي في إيماني بأن هناك فارق وكبير بين اليهودية والصهيونية وإن الصهيونية مش جزء أساسًا من اليهودية رغم كل المحاولات المستميتة لإثبات دا بكل الوسائل.

روحنا وسبتهم أنا قدام المبنى، واتمشيت مع مايكل أوصله لعربيته في وسط البلد عشان يروح، المضحك إن مايكل مكانش فاكر بالظبط هو ركن عربيته في أنهي جراش، وكل شوية يقولي أهو خلاص الجراش أو الشارع الجاي، لغاية ما وصلنا لوسط البلد بالظبط بعد أكتر من نص ساعة مشي، قعدنا نتكلم على اليوم، وعلى الناس أصحابنا الأمريكان، وسألته ايه هدايا تكون رمزية بس مش أوي ومش غالية أوي يعني في حدود من 5 لـ10 دولار علشان مفروض أجيب هدايا كتير نسبيًا لأصدقاءي المقربين، اللي هما كتير برده. طلع هو ميعرفش حاجات كتير، والحقيقة أمريكا مش مميزة بحاجة معينة ممكن الواحد يشتريها، هي فيها حاجات كتير أوي، وحاجات كتير تنفع كهدايا، وحاجات كتير غالية.

المهم وصلنا عربيته أخيرًا، وبما إنها بي أم دبلو الفئة التالتة، قولتلوا عاوز أتصور وأنا راكبها بقى، وبعدين ركبنا ووصلني لغاية المبنى، وروح هو بيته.
على الرغم من إني كنت بافكر إن اليوم قد يظهر متناقض جدًا في أفعالي على مداره، يوم بادئ بمحاضرة عن اليهودية وبعدين صلاة الجمعة وبعدين مظاهرة ضد الكيان الصهيوني دعمًا لغزة وبعدين ينتهي بزيارة للمعبد اليهودي والإفطار فيه كمان، لأ يوم عجيب ومتناقض ظاهريًا، وإن كان - الحمد لله - فيه ثبات باطني، وتمسك بالمبادئ.
واللي فاكره ومتأكد منه اليوم دا وعرفته بعد كدا إن جايكوب روح المبنى وقفل على نفسه وفضل يعمل أبحاث ويكتب ويسجل حاجات كتيرة جدًا.


  • تعليق
  • 0 تعليق

0 comments:

Post a Comment